القاف كذلك، وربما يرجَّحَ ذلك بما ثبت عن عاصم من قراءته إيَّاه بسكون الهاء مع كسر القاف. قال شهاب الدين: لم يَعْنِ الشاطبيُّ بأنَّه لم يسكن الهاء قطّ، الهاء من حيث هي هي، وإنما (عَنَى هَاء)«يَتَّقِهْ» خاصة، وكان الشاطبيّ أيضاً يعترض التوجيه الذي تقدم عن مكيّ، ويقول: تعليله حذف الصلة بأن الياء المحذوفة قبل الهاء مقدَّرةٌ منويَّةٌ، فبقي في حذف الصلة بعد الهاء على أصله غير مستقيم من قبل أنَّه قرأ «يُؤَدِّهِي» وشبَّهه بالصلة، ولو كان يعتبر ما قاله من تقدير الياء قبل الهاء لم يصلها.
قال أبو عبد الله: هو وإن قرأ «يُؤَدِّ هِي» وشبَّهَهُ بالصلة فإنه قرأ: «يَرْضَهُ» بغير صلةٍ، فَألحق مكيّ «يَتَّقِه» ب «يَرْضَهْ» ، وجعله مما خرج فيه عن نظائره لاتّباع الأثر، والجمع بين اللغتين، ويرجح ذلك عنده لأنّ اللفظ عليه، ولما كانت القاف في حكم المكسورة بدليل كسر الهاء بعدها صار كأنه «يَتَّقِهِ» بكسر القاف والهاء من غير صلةٍ، كقراءة قالون وهشام في أحد وجهيه، فعلَّله بما يُعَلَّل به قراءتهما، والشاطبيُّ يرجح عنده حمله على الأكثر مما قرأ به، لا على ما قلَّ وندر، فاقتضى تعليله بما ذكر.
قوله تعالى:{وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} . في «جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ» وجهان:
أحدهما: أنه منصوب على المصدر بدلاً من اللفظ بفعله، إذ أصل: أقسم بالله جهد اليمين: أقسم بجهد اليمين جهداً، فحذف الفعل وقدَّم المصدر موضوعاً موضعه، مضافاً إلى المفعول ك «ضَرْبَ الرِّقَابِ» ، قاله الزمخشري.
والثاني: أنه حال، تقديره: مُجتهدين في أيمانهم، كقولهم: افعل ذلك جهدك وطاقتك. وقد خلط الزمخشريّ الوجهين فجعلهما وجهاً واحداً فقال بعد ما تقدَّم عنه: وحكم هذا المنصوب حكم الحال، كأنه قيل: جاهدين أيمانهم وتقدم الكلام على «جَهْد أيْمَانِهِم» في المائدة.