منكم طاعة معروفة. هذا على قراءة الرفع. وأما على قراءة النصب فالمعنى: أطيعوا الله طاعةً و {الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي: لا يخفى عليه شيء من سرائركم، فإنه فاضحكم لا محالة، ومجازيكم على نفاقكم، ثم قال: {قُلْ أَطِيعُواْ الله (وَأَطِيعُواْ) الرسول فَإِن تَوَلَّوْاْ} أي: عن طاعة الله ورسوله «فَإِنَّمَا عَلَيْه» أي: على الرسول «مَا حُمِّلَ» كلِّف وأمر به من تبليغ الرسالة {وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ} من الإجابة والطاعة. وقرأ نافع في رواية:{فَإنَّمَا عَلَيْهِ مَا حَمل} بفتح الحاء والتخفيف أي: فعليه إثم ما حمل من المعصية.
{وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ} أي: تصيبوا الحق، وإن عصيتموه، ف {مَا عَلَى الرسول إِلَاّ البلاغ المبين} ، و «البَلَاغُ» بمعنى: التبليغ. و «المُبِينُ» : الواضح.
قوله:«فَإِنْ تَوَلَّوا» يجوز أن يكون ماضياً، وتكون الواو ضمير الغائبين ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة، وحسَّن الالتفات هنا كونه لم يواجههم بالتولِّي والإعراض، وأن يكون مضارعاً حذفت إحدى تاءيه، والأصل:«تَتَوَلَّوا» ، ويُرَجّح هذا قراءة البزِّيِّ: بتشديد (التاء «فَإنْ) تَّولَّوا» . وإن كان بعضهم يستضعفها للجمع بين ساكنين على غير حدِّهما.
ويرجّحه أيضاً الخطاب في قوله:{وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ} ، ودعوى الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ثانياً بعيد.