قوله:«لَيْسَ عَلَيْكُمْ» هذه الجملة يجوز أن يكون لها محل من الإعراب، وهو الرفع نعتاً ل «ثَلَاثُ عَوْرَات» في قراءة من رفعها، كأنه قيل: هُنَّ ثَلَاثُ عَوْراتٍ مخصوصةٌ بالاستئذان، وأَلَاّ يكون لها محل، بل هي كلام مقرر للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة، وذلك في قراءة من نصب «ثَلَاثَ عَوْرَاتٍ» .
قوله:«بعدهن» . قال أبو البقاء: التقدير: بعد استئذانهم فيهن، ثم حذف حرف الجر والفاعل فبقي «بعد استئذانهم» ثم حذف المصدر.
يعني بالفاعل: الضمير المضاف إليه الاستئذان، فإنه فاعل معنوي بالمصدر، وهذا غير ظاهر، بل الذي يظهر أن المعنى: ليس عليكم جناح ولا عليهم أي: العبيدُ والإماءُ والصبيانُ «جُنَاحٌ» في عدم الاستئذان بعد هذه الأوقات المذكورة، ولا حاجة إلى التقدير الذي ذكره.
قوله:«طَوَّافُونَ» خبر مبتدأ مضمر تقديره: «هُمْ طَوَّافُونَ» ، و «عَلَيْكُم» متعلق به.
قوله:{بَعْضُكُمْ على بَعْضٍ} . في «بَعْضُكُم» ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه مبتدأ، و «عَلَى بَعْضٍ» الخبر، فقدره أبو البقاء:«يَطُوفُ على بعض» وتكون هذه الجملة بدلاً مما قبلها، ويجوز أن تكون مؤكدة مبينة، يعني: أنها أفادت إفادة الجملة التي قبلها، فكانت بدلاً أو مؤكدة. وردّ أبو حيان هذا بأنه كونٌ مخصوص، فلا يجوز حذفه.
والجواب عنه: أن الممتنع الحذف إذا لم يدل عليه دليل، وقُصِدَ إقامةُ الجار والمجرور مقامه. وهنا عليه دليل ولم يُقْصَد إقامة الجار مقامه. ولذلك قال الزمخشري: خبره «عَلَى بَعْضٍ» على معنى: طائف على بعض، وحذف لدلالة «طوافون» عليه.
الثاني: أن يرتفع بدلاً من «طَوَّافُونَ» قاله ابن عطية قال أبو حيان: ولا يصحُّ إن قدَّر الضميرَ ضمير غيبةٍ لتقدير المبتدأ «هم» لأنه يصير التقدير: هُمْ يطوفُ بعضكُم على بعضٍ وهو لا يصح، فإن جعلت التقدير: أنتم يطوف بعضكم على بعض، فَيَدْفَعهُ أنَّ قوله:«عَليْكُم» يدل على أنهم هم المطوفُ عليهم، و «أنتُمْ طَوَّافُونَ» يدل على أنهم طائفون، فتعارضا. قال شهاب الدين: الذي نختار أن التقدير: أنتم، ولا يلزمُ