للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: «أَنْ عَبَّدْتَ» فيه أوجه:

أحدها: أنه في محل رفع عطف بيان ل «تِلْكَ» كقوله: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ} [الحجر: ٦٦] .

الثاني: أنها في محل نصب مفعولاً من أجله.

الثالث: أنها بدل من «نِعْمَة» .

الرابع: أنها بدل من هاء «تَمُنُّهَا» .

الخامس: أنها مجرورة بباء مقدرة، أي: بأَنْ عَبَّدْتَ.

السادس: أنها خبر مبتدأ مضمر، أي: هي أن عَبَّدْتَ.

السابع: أنها منصوبة بإضمار «أعني» والجملة من «تَمُنُّهَا» صفة ل «نِعْمَة» و «تَمُنُّ» يتعدى بالباء، فقيل: هي محذوفة، أي: تَمُنُّ بها.

وقيل: ضُمِّنَ «تَمُنُّ» معنى «تَذْكُرُ» . ويقال: عبّدت الرجل وأعبدته وتعبدته واستعبدته: [إذا اتخذته عبداً] .

فصل

اختلفوا في تأويل «أَنْ عَبَّدْتَ» : فحملها بعضهم على الإقرار، وبعضهم على الإنكار. وعلى كلا القولين فهو جواب لقوله: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا} [الشعراء: ١٨] .

فمن قال: هو إقرار، قال: عدها موسى نعمة منه عليه حيث رباه ولم يقتله كما قتل سائر غلمان بني إسرائيل، ولم يستعبده كما استعبد بني إسرائيل، أي: بلى و {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ} وتركتني فلم تستعبدني. ومن قال: هو إنكار قال: قوله: «وَتِلْكَ نِعْمَةٌ» هو على طريق الاستفهام، كما تقدم في إعرابها، يعني: أَوَ تِلْكَ نعمة، فحذفت ألف الاستفهام، كقوله: {فَهُمُ الخالدون} [الأنبياء: ٣٤] وقال الشاعر:

٣٨٩٩ - تَرُوحُ مِنَ الحَيِّ أَمْ تَبْتَكِرْ ... وَمَاذَا يَضِيرُكَ لَوْ تَنْتَظِرْ

أي: أتروح من الحي، وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة:

<<  <  ج: ص:  >  >>