هي فاء «فَضَرَبَ» فأبقى من كل فعل ما يدلّ على المحذوف، أبقى الفاء من «فَضَرَبَ» ليدلّ على «ضَرَبَ» وأبقى «انْفَلَقَ» ليدل على الفاء المتصلة به.
قوله:{فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ} اختلف القراء في ترقيق راء «فرق» فروي عن ورش الترقيق لأجل القاف. وقرىء:«فِلْق» بلام بدل الراء، لموافقة «فانفلق» والطود: الجبل العظيم المتطاول في السماء.
فصل
قال ابن جريرج: لما انتهى موسى إلى البحر هاجت الريح والبحر يرمي بموج كالجبال قال يوشع: يا مكلم الله، أين أمرت؟ فقد غشينا فرعون والبحر أمامنا، فقال موسى: هاهنا. فخاض يوشع الماء وجاز البحر ما يواري حافر دابته الماء، وقال الذي يكتم إيمانه: يا مكلم الله، أين أمرت؟ قال: هاهنا. فكبح فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقيه، ثم أقحمه البحر فارتسب في الماء، وصنع القوم مثل ذلك، فلم يقدروا، فجعل موسى لا يدري كيف يصنع، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، فضربه فانفلق، فإذا الرجل واقف على فرسه لا يبتلّ سرجه ولا لبده، وهذا معجز عظيم من وجوه:
أحدها: أن تفرق ذلك الماء معجز.
وثانيها: ثبت في الخبر أنه تعالى أرسل على فرعون وقومه من الرياح والظلمة ما حيرهم، فاحتبسوا القدر الذي يتكامل معه عدد بني إسرائيل، وهذا معجز ثالث.
ورابعها: أن جعل الله في تلك الجدران المائية كوى ينظر بعضهم إلى بعض، وهذا معجز رابع.