وخامسها: أن بقّى الله تعالى تلك المسالك حتى قرب آل فرعون فطمعوا أن يتخلّصوا من البحر كما تخلّص موسى - عليه السلام - فهو معجز خامس.
قوله:«وَأَزْلَفْنَا» أي: قربنا من النجاة، و «ثَمَّ» ظرف مكان بعيد، و «الآخرِينَ» هم موسى وأصحابه. وقرأ الحسن وأبو حيوة:«وَزَلَفْنَا» ثلاثياً.
وقال أبو عبيدة: أَزْلَفْنَا: جمعنا، ومنه: ليلة المزدلفة، أي: ليلة الجمع.
وفي القصة أن جبريل كان بين بني إسرائيل وقوم فرعون، وكان يسوق بني إسرائيل ويقول: ليلحق آخركم بأولكم، ويستقبل القبط، ويقول: رويدكم لكي يلحق آخركم. وقرأ أبيّ وابن عباس وعبد الله بن الحراث بالقاف، أي: أزللنا، والمراد ب «الآخرين» جعله لبني إسرائيل يبساً فيزلقهم فيه.
قوله:{وَأَنجَيْنَا موسى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ} . والمعنى: أنه تعالى جعل البحر يبساً في حق موسى، حتى خرجوا عنه، وأغرق فرعون ومن معه، لأنه لما تكامل دخولهم في البحر انطبق الماء عليهم فغرقوا.
قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي: إن في الذي حدث في البحر آية عجيبة من الآيات العظام الدالة على قدرة الله تعالى؛ لأن أحداً من البشر لا يقدر عليه وعلى حكمته، وكون وقوعه مصلحة في الدين والدنيا، وعلى صدق موسى لكونه معجزة له، وعلى التحذير عن مخالفة أمر الله ورسوله، وفيه تسلية للنبي - عليه السلام - لأنه قد يغتم بتكذيب قومه مع ظهور المعجزات عليه، فنبهه الله تعالى بهذا الذكر على أن له أسوة بموسى وغيره.
ثم قال:{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ} أي: من أهل مصر. قيل: لم يكن من أهل مصر إلا آسية امرأة فرعون وحزقيل المؤمن، ومريم بنت ناموشا التي دلت على عظام