الصدور} [العاديات: ١٠] . وحكى عن أهل النار قولهم:{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السعير}[الملك: ١٠] والعقل في القلب، والسمع منفذٌ إليه، وقال:{إِنَّ السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: ٣٦] والسمع والبصر لا يستفاد منهما إلا ما يؤديانه إلى القلب، وقال:{يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين وَمَا تُخْفِي الصدور}[غافر: ١٩] ولم تخن الأعين إلا بما تضمر القلوب إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الحديث فقوله - عليه السلام -: «أَلَا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فسد الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ»
وأما المعقول فإنَّ القلب إذا غشي عليه، فإذا قطع سائر الأعضاء لم يحصل به الشعور، وإذا أفاق القلب شعر بجميع ما ينزل بالأعضاء من الآفات.
وأيضاً فإذا فرح القلب أو حزن فإنه يتغير حال الأعضاء عند ذلك. وأيضاً فإن القلب منبع المشيئات الباعثة على الأفعال الصادر عن سار الأعضاء.
قوله:«بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ» . يجوز أن يتعلق ب «المُنْذِرينَ» أي: لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان العربي، وهم: هود، وصالح، وشعيب، وإسماعيل، ومحمد - صلى الله عليه وسلّم - (و) يجوز أن يتعلق ب «نَزَلَ» أي: نزل باللسان العربي لتنذر به، لأنه لو نزل بالأعجمي لقالوا: لم نزل علينا ما لا نفهمه؟ وجوز أبو البقاء أن يكون بدلاً من «بِهِ» بإعادة العامل، قال: أي نزل بلسان عربي، أي: برسالة أو لغة. قال ابن عباس: بلسان قريش ليفهموا ما فيه.
قوله:{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأولين} . أي: وإن القرآن. وقيل: وإن محمداً ونعته {لَفِي زُبُرِ الأولين} أي: كتب الأولين. وقيل: المراد وجوه التخويف، لأن ذكر هذه الأشياء بأسرها قد تقدم، وفيه التفات، إذ لو جرى على ما تقدم لقيل:«وإنك لفي زبر» . وقرأ الأعمش:«زُبْرِ» بسكون الباء، وهي مخففة من المشهور.