للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الخبر مطلقاً. وهذا من باب الاستعارة البليغة، والتمثيل الرائع، شبَّه جَوَلَانَهم في أفانين القول، وطرائق المدح والذم، والتشبيب، وأنواع الشعر بِهَيْمِ الهائم في كل وجهٍ وطريق. وقيل: أراد ب «كُلِّ وَادٍ» أي: على كل حرف من حروف الهجاء يصوغون (القوافي) .

والهائم: الذي: يَخبِطُ في سَيْرِهِ ولا يقصد موضعاً معيناً، يقال هام على وجهه، أي: ذهب والهائم: العاشق من ذلك، والهَيْمَان: العطشان والهُيَامُ داءٌ يأخذ الإبلَ من العطش، وجَمَلٌ أَهْيَمُ وناقةٌ هَيْمَاءُ والجمع فيهما هِيمٌ قال تعالى: «شُرْبَ الهِيم» من الرمل: اليابس، فإنهم يخيلون فيه معنى العطش.

فصل

قال المفسرون: أراد شعراء الكفار، وكانوا يهجون رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذكر مقاتل أسمائهم فقال: منهم عبد الله بن الزِّبعرَى السهمي، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي، ومسافع بن عبد مناف، وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي، وأمية بن أبي الصلت الثقفي تكلموا بالكذب والباطل، وقالوا: نحن نقول كما قال محمد، وقالوا الشعر، واجتمع إليهم غواة من قومهم يشمعون أشعارهم حين يهجون رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه، ويروون عنهم ذلك فذلك قوله: «يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ» وهم الرواة الذين يريدون هجاء المسلمين. وقال قتادة: هم الشياطين.

ثم إنه تعالى لما وصف شعراء الكفار بهذه الأوصاف استثنى شعراء المسلمين الذي كانوا يجيبون شعراء الجاهلية، ويهجون الكفار ويكافحون عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه منهم حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، فقال: {إِلَاّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} .

روي عن كعب بن مالك أنه قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «إِنَّ اللَّهَ قد أنزل في الشعراء ما أنزل، فقال: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:» إِنَّ المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نصح النبل «وفي رواية قال له:» اهْجُهُمْ فالواذي نفسي بيده هو أشد عليهم من النبل «

وكان يقول لحسان:» قُلْ فإنَّ روح القدس معك «.

<<  <  ج: ص:  >  >>