للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد جاءت مصادر على مفعول كالمعقول، فهي مصدر نقل ذلك الواحدي.

والثاني: أنها «مَفْعُلَة» من الثواب بضم العين، وإنما نقلت الضّمّة إلى الثاء، ويقال: «مَثْوبَة» بسكون الثاء وفتح الواو، وكان من حَقّها الإعلال فيقال: «مثابة» ك «مقامة» ، إلا أنهم صححوها كما صححوا في الإعلال «مَكْرَزَة» ، وبذلك قرأ أبو السمال وقتادة كمشورة. ومعنى «المثوبة» أي: ثواب وجزاء من الله.

وقيل: لرجعة إلى الله تعالى خير.

قوله: {مِنْ عِنْدِ اللهِ] في محلّ رفع صفة «لمثوبة» ، فيتعلّق بمحذوف، أي: لمثوبة كائنة من عند الله تعالى.

والعندية هنا مجاز تقدم في نظائره.

قال أبو حيان: وهذا الوصف هو المسوغ لجواز الاتبداء بالنكرة.

قلت: ولا حاجة إلى هذا؛ لأن المسوغ هنا شيء آخر، وهو الاعتماد على لام الابتداء، حتى لو قيل في الكلام: {لَمَثُوبَةٌ خَيْرٌ] من غير وصف لصح.

والتنكير في «لمثوبة» يفيد أن شيئاً من الثواب وإن قلّ خير، فذلك لا يقال له قليل، ونظيره: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله أَكْبَرُ} [التوبة: ٧٢] .

وقوله: «خَيْرٌ» خبرٌ «لِمَثُوبَة» ، وليست هنا بمعنى «أفعل» التفضيل، بل هي لبيان أنها فاضلة، كقوله تعالى: {أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً} [الفرقان: ٢٤] {أَفَمَن يلقى فِي النار خَيْرٌ} [فصلت: ٤٠] .

قوله تعالى: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} جوابها محذوف تقيدره: لكان تحصيل المثوبة خيراً، أي: تحصيل أسبابها من الإيمان والتقوى، وكذلك قَدّره بعضهم: لآمنوا.

وفي مفعول «يعلمون» وجهان:

أحدهما: أنه محذوف اقتصاراً أي: لو كانا من ذوي العلم.

والثاني: أنه محذوف اختصاراً تقيدره: لو كانوا يعلمون التفضيل في ذلك، أو يعلمون أن ما عند الله خير وأبقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>