ترجيحِه في غَيْرِها، وذلك أنّك إذا قُلْتَ:«خَرجتُ فإِذَا في الدَّارِ زَيْدٌ» وأمَّا في الدَّارِ فَزَيْدٌ «يتعيّنُ في هاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ [أن يقدر بالاسم] ؛ لأنَّ» إذا «الفُجائية وأَمَّا الفُجائية وأَمَّا التَّفصِيليَّةُ لا يَلِيهِمَا إلَاّ المبتدأ. وقد عُورِضَ هذا اللَّفظُ بأنه يَتَعيَّنُ تقدير الفِعْلِ في بعضِ الصُّورِ، وهو ما إِذا وَقَعَ الجَارُّ والمجرورُ صِلَةً لموصولٍ، نحو: الَّذي في الدارِ فليكن رَاجِحاً في غيره؟ والجوابُ: أَنَّ ما رجحنا به من باب المبتدإِ، أَو الخبر، وليس أَجْنَبِيَّا، فكان اعتباره أوْلَى، بخلاف وقوعه صِلةً، [والأول غيرُ أَجْنَبِيٍّ] .
ولا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ قاعدةٍ - ها هنا - لعُمُومِ فائدتها، وهي أَنَّ الجار والمجرور والظرف إذا وَقَعا صلةً أو صِفَةً، أو حالاً، أو خبراً تَعلقا بمحذوفٍ، وذلك أن المحذوف لا يجوز ظهوره إذا كان كَوْناً مُطلقاً: فأمّا قول الشاعر: [الطويل]
فَأَنْتَ لَدَى بُحْبُوحَةِ الْهُونِ كائِنُ ... وأما قولُه تبارك وتَعَالى:{فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ}[النمل: ٤٠] فلم يقصدْ جعلِ الظَّرفِ كائناً فلذلك ذكر المتعلِّقَ به، ثم ذلك المحذوفُ يجوزُ تقديرهُ باسمٍ أَوْ فعلٍ إلاّ في الصلَةِ، فإنه يتعيّنُ أن يكونَ فِعلاً. واختلفُوا: أَيُّ التقديرَيْنِ أَوْلَى فيما عدا الصور المستثناة؟
أظهرُهُما: انه منصوبٌ على المصدريَّةِ، ثم حُذِف العاملُ، ونابَ المصدرُ مَنَابه؛ كقولِهِم في الأخبار:» حمداً، وشكراً لا كُفْراً «والتقدير:» أَحمد الله حمداً «، فهو مصدرٌ نَابَ عن جملةٍ خبريَّةٍ.
وقال الطَّبريُّ - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: «إنَّ في ضمنِهِ أَمْرَ عبادِه أَنْ يُثْنُوا به عليه، فكأَنَّهُ