قال:» قولوا: الحَمْد للهِ «وعلى هذا يَجِيءُ قُولُوا: إيَّاكَ» .
فعلى هذه العبارة يكونُ من المصادِر النائبَةِ عن الطَّلبِ لا الخبرِ، وهو محتملٌ للوجْهَيْنِ، ولكنْ كونُهُ خَبَرِيَّا أَوْلَى من كونه طَلَبياً، ولا يجوزُ إظهار الناصب، لئلَاّ يجمعَ بين البدلِ والمُبْدَلِ مِنْه.
والثاني: أنه منصوبٌ على المَفْعُولِ بهِ، أَي: اجْمَعْ ضَبُعاً، والأوّلُ أَحْسَنُ؛ للدَّلالَةِ اللفظيةِ. وقراءَةُ الرفْعِ أمكنُ، وأَبْلَغُ مِنْ قراءَةِ النَّصب، لأنَّ الرفعَ في باب المَصَادِر التي أَصْلُها النِّيَابَةُ عَنْ أَفْعَالِها يدل على الثُّبُوتِ والاستقرَارِ، بخلافِ النَّصبِ، فإنه يدلُّ على التجددِ والحُدوثِ، ولذلك قال العلماء - رحمهم الله -: إن جوابَ إِبْرَاهيمَ - عليه الصلاة والسّلام - في قوله تَعَالَى حكايةً عنه:{قَالَ سَلَامٌ}[هود: ٦٩] أَحْسَنُ من قولِ الملائكة: {قَالُواْ سَلَاماً}[هود: ٦٩] امتثالاً لقولِه تعالى: {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ}[النساء: ٨٦] .
و «لله» على قراءةِ النصبِ يتعّقُ بمحذوفٍ لا بالمصدرِ، لأنَّها للبيانِ، تقديرهُ: أَعْنِي لله، كقولِهم:«سُقْياً له ورَعياً لك» تقديرُه: «أَعْنِي له ولك» ، ويدلُّ على أنَّ اللام تتعلّقُ في هذا النوع بمحذوف لا بنفس المصدر، أنَّهم لم يُعْمِلُوا المصدر المتعدِّي في المجرور باللام، فينصبوه به فيقُولُوا: سُقْياً زيداً، ولا رَعْياً عمراً، فدلَّ على أنه ليس مَعْمولاً للمصدرِ، ولذلك غَلِطَ من جعل قولَه تَعَالَى:{والذين كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ}[محمد: ٨] ، مِنْ بَابِ الاشْتِغَالِ؛ لأنَّ «لَهُمْ» لا يتعلَّقُ ب «تَعْساً» كما مَرَّ.
ويحتملُ أَنْ يُقالُ: إن اللام في «سُقياً لك» ونحوِهِ مقويةٌ لتعدِيَةِ العامل؛ لكونِهِ فَرْعاً فيكون عاملاً فيما بعده.