للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب: أن المذكور (من قبل ههنا أمر الدنيا، حيث قال: {فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا} فقال: هذه، والمذكور قبلها) هناك الآخرة حيث قال: {ياحسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ} [الأنعام: ٣١] فلم تكن الدنيا في ذلك الوقت في خاطرهم فقال: {وما الحياة الدنيا} .

فإن قيل: ما الحكمة في تقديمه هناك «اللعب» على «اللهو» وههنا أخر «اللعب» عن «اللهو» .

فالجواب: لما كان المذكور من قبل هناك الآخرة، وإظهارها للحسرة ففي ذلك الوقت ببعد الاستغراق في الدنيا، بل نفس الاشتغال بها فأخذ الأبعد، وههنا لما كان المذكور من قبل الدنيا وهي خداعة تدعو النفوس إلى الإقبال عليها والاستغراق فيها، اللهم إلا لمانعٍ يمنع من الاستغراق فيشتغل بها من غير استغراق (بها) ، أو لعاصم يعصمه فلا يستغل بها أصلاً، فكان: (ههنا) الاستغراق أقرب من عدمه فقدم اللهو.

فإن قيل: ما الحكمة في قوله هناك: {وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ} [يوسف: ١٠٩] [النحل: ٣٠] وقال هَهنا {وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان} ؟ .

فالجواب: لما كان الحال هناك حال إظهار الحسرة ما كان المكلف يحتاج إلى وازعٍ قويٍّ فقال: الآخرةُ خَيْر ولما كان الحال هنا حال الاستغال بالدنيا احتاج إلى وازع قوي فقال: لا حياة إلا حياة الآخرة.

قوله: {وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان} قدر أبو البقاء وغيره قبل المبتدأ مضافاً أي وإنَّ حَيَاةَ الدارِ الآخرة وإنما قدر ذلك ليتطابق المبتدأ والخبر والمبالغة أحسن و «واو» الحيوان (عن ياءٍ) عند سيبويه وأتباعه، وإنما أبدلت واواً شذوذاً، وكذلك في «حَيَاةٍ» علماً وقال أبو البقاء لئلا يلتبس بالتثنية يعني لو قيل: حَيَيَانِ - قال: ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>