مختلفة، وليس المراد بالألسنة الجوارح، وقيل: المراد بالألسن اختلاف الأصوات، وأما اختلاف الألوان فالمراد أبيضُ وأسودُ وأحمرُ وأنتم ولدُ رجلٍ واحد، (وامرأةٍ واحدة) . وقيل: المراد باختلاف الألوان الذي بين ألوان الإنسان فإن واحداً منهم مع كَثْرة عددهم، وصغر حجم قدودهم لا يشتبه بغيره، والسموات مع غيرها وقلة عددها مشتبهات في الصورة {إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ} ، قرأ حفص بكسر اللام، جعله جمع عَالِمٍ ضد الجاهل ونحوه:{وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلَاّ العالمون}[العنكبوت: ٤٣] والباقون بفتحها لأنها آيات لجميع الناس وإن كان بعضهم يَغْفُلُ عنها وقد تقدم أول الفاتحة الكلام في «العَالَمِينَ»(قيل) : هو جمع أو اسم جمع.
قوله:{وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار} لما ذكر الأعراض اللازمة وهي الاختلاف ذكر الأعراض المفارقة ومن جملتها النوم بالليل والحركة بالنهار طلباً للرزق (و) قيل: في الآية تقديم وتأخير ليكون كل واحد مع ما يلائمه، والتقدير ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، فحذف حرف الجر لاتصاله بالليل، وعطفه عليه لأن حرف العطف قد يقوم مَقَامَ الجَارِّ، والأحسن أن يجعل على حاله.
والنوم بالنهار مما كانت العرب تَعُدُّه نعمةً من الله، ولا سيما في أوقات القَيْلُولَةِ في البلاد الحارة، وقوله:{وابتغآؤكم مِّن فَضْلِهِ} أي منهما فإن كثير ما يكتسب الإنسان بالليل، ويدل على الأول قوله تعالى:{وَجَعَلْنَآ آيَةَ النهار مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}[الإسراء: ١٢] وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً}[النبأ: ١٠ - ١١] ، ثم قال:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} سماع تدبير واعتبار وقال ههنا: «لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» ومن قبل: «لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» وقال: «لِلْعَالَمِينَ» لأن المنام بالليل، والابتغاء يظّن الجاهل أو الغافل أنهما مما يقتضيه طبع الحيوان فلا يظهر لكل أحد كونهما من نعم الله، فلم يقل آياتٍ للعالمين، ولأن الأمرين الأولين وهو اختلاف الألسن والأولون من اللوازم