والمنام والابتغاء من الأمور المفارقة فالنظر إليهما لا يدوم لزوالهما في بعض الأوقات ولا كذلك اختلاف الألسنة والألون فإنهما يدومان بدَوَام الإنسان فجعلها آيات عامة، وأما قوله:«لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» فإن من الأشياء ما يعلم من غير تفكر، ومنها ما يكفي فيه مُجَرَّدُ الفكرة، ومنها ما يحتاج بعض الناس في تفهمه إلى مثل حسيّة كالأشكال الهندسية، لأن خلق الأرواح لا تقع لأحد أنه بالطبع إلا إذا كان جامد الفكرة، فإذا تفكر علم كون ذلك الخلق آية، وأما المنام والابتغاء فقد يقع لكثير أنهما من أفعال العباد، وقد يحتاج إلى مرشد بغير فكرة فقال:«لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» ويجعلون بالهم من كلام المرشد.
قوله:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ البرق خَوْفاً وَطَمَعاً} لما ذكر العرضيات اللازمة للأنفس المفارقة ذكر العرضيات التي للآفاق.
قوله:«يُريكُمُ البَرْق» فيه أوجه أظهرها: الموافق لأخواته أن يكون جملة اسمية من مبتدأ وخبر إلا أنه حذف الحرف المصدري، ولما حذف بطل عمله والأصل: ومن آياته أن يُرِيَكُمْ، كقوله: