للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الناصب ليومئذ قبله، وقرأ الكوفيون هنا وفي غافر بالياء من تحت وافقهم نافعٌ على ما في غافر؛ لأن التأنيث مجازيّ ولأنه قد فصل أيضاً والباقون بالتأنيث فيهما مراعاةٌ للفظ.

قوله: {وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} قال الزمخشري من قولك: أسْتَعْتَبَنِي فلانٌ فَأَعْتَبْتُهُ أي اسْتَرْضَانِي فَأَرضَيْتُهُ، وذلك إذا كان جانياً (عليه) وحقيقة «أَعْتَبْتُهُ» أزلت عَتْبَهُ ألا ترى إلى قوله:

٤٠٤٨ - غَضِبَتْ تَمِيمٌ أن تقَتَّلَ عَامِرٌ ... يَوْمَ النِّسَارِ فَأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ

كيف جعلهم غضاباً، ثم قال: «فأُعْتِبُوا» أي أُزِيلَ غَضَبُهُمْ، والغضب في معنى العتب والمعنى لا يقال (لهم) أرضوا ربكم بتوبة وطاعة، ومثله قوله تعالى: {فاليوم لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ} [الجاثية: ٣٥] . فإن قلتَ: كيف جعلوا غير مُسْتَعْتَبِين في بعض الآيات وغير مُعْتَبِينَ في بعضها وهو قوله: {وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ المعتبين} [فصلت: ٢٤] قلت: أما كونهم غي مُسْتَعْتَبِينَ فهذا معناه، وأما كونهم غير معتبين فمعناه أنهم غيرُ راضينَ بما هم فيه فشُبِّهَتْ حالُهُمْ بحال قوم جُنِيَ عليهم فهم عاتبون على الجاني غير راضين (منه) فإن يستعتبو الله أي يسألون إزالة ما هم فيه فما هم من المُجَابِينَ انتهى. وقال ابن عطية ويستعتبون بمعنى يعتبون كما تقول يَمْلِكث، ويَسْتَمْلِكُ، والباب في «استفعل» طلب الشيء وليس هذا منه؛ لأن المعنى كان يفسد إذْ كان المفهوم منه ولا يُطْلَبُ منهم عُتْبَى، قال شِهابُ الدِّين: وليس (هذا) فاسداً لما تقدم في قوله الزمخشري.

<<  <  ج: ص:  >  >>