للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه مصدر على «فُعَل» نحو حزن وشرب يوصف به الواحد وغيره نحو: عدل وصوم.

والثالث: وهو قول الفراء أن أصله «يهود» ، فحذفت الياء من أوله، وهذا بعيد.

و «أول» هنا للتَّفْصيل والتنويع؛ لأنه لما لَفَّ الضمييرَ في قوله تعالى: «وقالوا» : فَصَّل القائلين، وذلك لفهم المعنى، وأمن الإلباس، والتقدير: [وقال اليَهُودُ: لن يدخل الجَنَّة إلَاّ من كان هوداً.

وقال الأنصاري: لن يدخل إلَاّ من كان نصارى] ؛ لأن من المعلوم أنَّ اليهود لا تقول: لن يدخل الجنة إلا من كان يهودياً، وكذلك النصارى لا تقول: [لا يدخل الجنة إلا من كان نصرانياص] .

ونظيره قوله: {وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نصارى} [البقرة: ١٣٥] إذ معلوم أن اليهود لا تقول: كونوا نصارى، ولا النَّصارى تقول: كونوا هوداً.

صدرت الجملة بالنفي ب «لن» ؛ لأنها تخلص المضارع للاستقبالن ودخول الجنة مستقبل. وقدمت اليهود على النصارى لَفْظاً لتقدمهم زماناً.

وقرأ أُبيّ بن كعب «إلَاّ مَنْ كَانَ يَهُودِيًّا أو نَصْرَانِيًّا» .

قوله تعالى: {تِلْكَ أَمَانِيُّهمْ} «تلك» مبتدأ، و «أَمَانِيُّهُمْ» خبره، ولا محلّ لهذه الجملة من الإعراب لكونها وقعت اعتراضاً بين قوله: «وَقَالُوا» ، وبين قوله تعالى: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} ، فهي اعتراض بين الدعوى ودليلها.

والمشار إليه ب «تلك» فيه ثلاثة احتمالات:

أحدها: أنه المقالة المفهومة من: «قَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الجنة» ، أي: تلك المقالة أمانيهم.

فإن قيل: كيف أفرد المبتدأ وجمع الخبر؟

فالجواب: أن تلك كناية عن المَقَالة، والمقالة في الأصل مصدر، والمصدر يقع بلفظ الإفراد للمفرد المثنى والمجموع، فالمراد ب «تِلْكَ» الجمع من حيث المعنى.

وأجاب الزمخشري رَحِمَهُ اللهُ أن «تِلْكَ» يشار بها إلى الأماني المذكورة، وهي أمنيتهم [ألا ينزل على المؤمنين خير من ربهم، وأمنيتهم أن يردوهم كفاراً أي] ألَاّ يدخل الجنة غيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>