قال أبو حيان رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وهذا ليس بظاهر؛ لأن كل جملة ذكر فيها ودّهم لشيء قد كملت وانفصلت، وانفصلت، واستقلت بالنزول، فيبعد أن يشار إليها.
وأجاب الزمخشري أيضاً أن يكون على حذف مضاف أي: أمثال تلك الأمنية أمانيهم، يريد أن أمانيهم جميعاً في البُطْلَان مثل أمنيتهم هذه يعني أنه أشير بها إلى واحد.
قال أبو حيان: وفيه قلب الوَضْع، إذ الأصل أن يكون «تِلْك» مبتدأ، و «أَمَانِيُّهُمْ» خبر، فقلب هذا الوضع، إذ قال: إن أمانيهم في البطلان مثل أمنتيهم هذه، وفيه أنه متى كان الخبر مشبهاً به المبتدأ، فلا يتقدم الخبر نحو: زيد زهير، فإن تقدم كان ذلك من عكس التشبيه كقولك: الأسد زيد شجاعة [قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «العَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ تَعَالَى» وقال علي رَضِيَ اللهُ عَنْه: «لا تتكل على المُنَى، فإنها تضيع المتكل» ] .
قوله:«هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ» هذه الجملة في محلّ نصب بالقول.
واختلف في «هات» على ثلاثة أقوال:
أصحها: أنه فعل، [وهذا هول صحيح لا تَّصَاله بالضمائر المرفوعة البارزة نحو: هاتوا، هاتي، هاتيا، هاتين.
الثاني: أنه اسم فعل بمعنى أحضر.
الثالث: وبه قال الزمخشري: أنه اسم صوت بمعنى «ها» التي بمعنى: رَامى يُرَامي مُرَامَاة، فوزنه «فاعل» فتقول: هات يا زيد، وهاتي يا هند، وهاتوا وهاتين يا هندات، كما تقول: رَام رَامِي رَامِيا رَامُوا رَامِينَ. وزعم ابن عطية رَحِمَهُ اللهُ أن تصريفه مُهْجُور لا يقال فيه إلاّ الأمر، وليس كذلك.
الثاني: أن «الهاء» بدل من الهمزة، وأن الأصل «آتى» وزنه: أفعل مثل أكرم.
وهذا ليس بجيد لوجهين:
أحدهما: أن «آتى» يتعدى لاثنين، وهاتي يتعدى لواحد فقط.
[وثانيهما] : أنه كان ينبغي أن تعود الألف المبدلة من الهمزة إلى أصلها [الزوال]