والثاني: وَهُو قول الزجاج: أن نونه مزيدة ووزنه فُعْلُونٌ مشتقاً من الانْعِرَاج وهو الانعطاف وقرأ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بكسر العين وفتح الجيم وهما لغتان كالبُزيون والبِزْيُون والعرجون عُود العِذْق ما بين الشماريخ إلى مَنْبِتِهِ من النخلة وهو تشبيه بديع شبه به القمر في ثلاثة أشياء دقَّتِهِ واستقواسه واصْفِرَارِهِ لأن العِذق الذي عليه الشماريخ إذا قَدِمَ وعَتِقَ دَقَّ وتَقَوَّسَ واصْفَرَّ والقديم ما تَقَادَمُ عَهْدُهُ بحكم العادة ولا يشترط في جواز إطلاق لفظ القديم عليه مدةً بعينها بل إنما يعتبر العادة حتى لا يقال لمدينة بنيت من سنةٍ أو سنتين لبنائها قديم أو هي مدينة قديمةٌ ويقال لبعض الأشياء: إنّه قديم وإن لم يكن له سنةٌ (واحدة) ولهذا جاز أن يقال: بَيْتٌ قديمٌ ولم يجز (أن يقال) في العالم: إنه قديم؛ لأن القِدَم في البيت والبناء يثبت بحكم تقادم العهد ومرور السنين عليه وإطلاق القديم على العالم بِتَمَادِي الأزمنة عند من (لا) يعتقد أنه لا أول له ولا سابق عليه.
قوله:{لَا الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر} أي لا يدخل على الليل قبل انقضائه ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه وهو معنى قوله: {وَلَا الليل سَابِقُ النهار} أي يتعاقبان بحساب معلوم لا يجيء أحدهما قبل وقته. وقيل: لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر لا تطلع الشمس بالليل ولا (يطلع) القمر بالنهار وله ضوء فإذا اجتمعا وأدرك كلّ (واحد) منهما صحبه قامت القيامة. وقيل:{لَا الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر} لا تجتمع معه في فَلَك واحد {وَلَا الليل سَابِقُ النهار} أي لا يتصل ليل بليل لا يكون بينهما نهار فاصل.
فإن قيل: ما الفائدة في قوله تعالى: {لَا الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر} بصيغة الفعل وقوله: {وَلَا الليل سَابِقُ} بصيغة اسم الفاعل ولم يقل ولا الليل «سَبَقَ» ولا قال: لَا الشَّمْسُ مُدْرِكَةٌ لِلْقَمر؟ .