للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {يَالَيْتَنِي مِتُّ} [مريم: ٢٣] قرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف، وحفص: بكسر الميم (١). والباقون بالضم (٢).

قوله تعالى: {وَكُنْتُ نَسْيًا} [مريم: ٢٣] قرأ حمزة، وحفص: بفتح النون (٣)، والباقون بكسرها (٤).


(١) هناك قاعدة مطردة: أن لفظ {مت} في آل عمران قرأه بالكسر هنا: نافع وحمزة والكسائي وخلف البزار، والباقون بالضم، وما عدا سورة آل عمران فقرأه حفص وحمزة والكسائي وخلف بالضم وغيرهم بالكسر، قال ابن الجزري:
اكسر ضمًا هنا
في متم (شفا) (أ) رى وحيث جا … (صحب) أتى
وحجة من قرأ "مت" بالكسر له حجتان إحداهما: أن الأصل عنده موت على فعل ثم استثقل الكسرة على الواو فنقلت إلى الميم فصارت موت ثم حذفت الواو لما اتصلت بها تاء المتكلم لاجتماع الساكنين فصارت مت فهذا في المعتل وفضل يفضل في الصحيح. والثانية: أن الأصل يموت ثم نقلوا فتحة الواو إلى الميم وقلبوا الواو ألفًا لانفتاح ما قبلها فصارت يمات إلا أنه لم يجئ يمات في المستقبل والعرب قد تستعمل الكلمة بلفظ ما ولا تقيس ما تصرف منها على ذلك القياس من ذلك قولهم رأيت همزته في الماضي ثم أجمعوا على ترك الهمزة في المستقبل فقالوا ترى ونرى بغير همز فخالفوا بين لفظ الماضي والمستقبل فكذلك خالفوا بين لفظ مت وتموت ولم يقولوا تمات.
(٢) وحجتهم أنها من مات يموت فعل يفعل مثل دام يدوم وقال: يقول وكان يكون ولا يقال كنت ولا قلت، وأصل الكلمة عند أهل البصرة موت على وزن فعل مثل قول، ثم ضموا الواو فصارت موت وإنما ضموا الواو لأنهم أرادوا أن ينقلوا الحركة التي كانت على الواو إلى الميم وهي الفتحة ولو نقلوها إلى الميم لم تكن هناك علامة تدل على الحركة المنقولة إلى الميم لأن الميم كانت مفتوحة في الأصل، ويقع اللبس بين الحركة الأصلية وبين المنقولة وأيضًا لم تكن هناك علامة تدل على الواو المحذوفة فضموا الواو لهذه العلة ثم نقلوا ضمة الواو إلى الميم فصار موت واتصل بها اسم المتكلم فسكنت التاء فاجتمع ساكنان الواو والتاء فحذفت الواو وأدغمت التاء في التاء فصارت "مت" وكذلك الكلام في قلت (حجة القراءات لابن زنجلة ١/ ١٧٨، السبعة ص ٢١٧، الهادي ٢/ ١٢٢، إتحاف فضلاء البشر ص ٢٣٠).
(٣) الحجة لمن فتح أنه أراد المصدر من قولك نسبت، قال ابن الجزري:
ونسيا فافتحن (فـ) وز (عـ) ــلا
(٤) الحجة لمن كسر أنه أراد كنت شيئًا ألقي فنسي والعرب تقول هذا الشيء لقى ونسي ومنه قول الشاعر يصف امرأة بالحياء والخفر:
كأنَّ لها في الأرض نسْيًا تقصه … على أمهات وإن تخاطبك تبلت
يريد كأنها تطلب شيئًا ألقته لتعرف خبره ومعنى تبلت تقص وتصدق (الحجة في القراءات السبع لابن خالويه ١/ ٢٣٧، شرح طيبة النشر ٥/ ٣١، النشر ٢/ ٣١٨، المبسوط ص ٢٨٨، السبعة ص ٤٠٨، إعراب القرآن ٢/ ٣٠٩، التيسير ص ١٤٨، تفسير غريب القرآن ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>