جعفر وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين قالوا: لما بلغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اثنتي عشرة سنة، خرج به أبو طالب إلى الشأم في العير التي خرج فيها للتجارة ونزلوا بالراهب بحيرا، فقال لأبي طالب في النبي، صلى الله عليه وسلم، ما قال، وأمره أن يحتفظ به، فرده أبو طالب معه إلى مكة، وشب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مع أبي طالب يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أمور الجاهلية ومعايبها، لما يريد به من كرامته، وهو على دين قومه، حتى بلغ أن كان رجلاً أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم مخالطة، وأحسنهم جواراً، وأعظمهم حلماً وأمانة، وأصدقهم حديثاً، وأبعدهم من الفحش والأذى، وما رئي ملاحياً ولا ممارياً أحداً، حتى سماه قومه الأمين، لما جمع الله له من الأمور الصالحة فيه، فلقد كان الغالب عليه بمكة الأمين، وكان أبو طالب يحفظه ويحوطه ويعضده وينصره إلى أن مات.
قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال: كان اسم أبي طالب عبد مناف، وكان له من الولد طالب بن أبي طالب، وكان أكبر ولده، وكان المشركون أخرجوه وسائر بني هاشم إلى بدر كرهاً، فخرج طالب وهو يقول:
اللهم اما يغزون طالب … في مقنبٍ من هذه المقانب
فليكن المغلوب غير الغالب … وليكن المسلوب غير السالب قال: فلما انهزموا لم يوجد في الأسرى ولا في القتلى ولا رجع إلى مكة ولا يدري ما حاله وليس له عقب، وعقيل بن أبي طالب ويكنى أبا يزيد، وكان بينه وبين طالب في السن عشر سنين، وكان عالماً بنسب قريش، وجعفر بن أبي طالب، وكان بينه وبين عقيل في السن عشر سنين، وهو قديم في الإسلام من مهاجرة الحبشة، وقتل يوم مؤتة شهيداً، وهو ذو الجناحين