حتى أتاه الحجاج فأخبره بسلامة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وانه قد فتح خيبر وغنمه الله تعالى ما فيها، فسر بذلك العباس ولبس ثيابه وغدا إلى المسجد فدخله وطاف بالبيت وأخبر قريشا بما أخبره به الحجاج من سلامة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وانه فتح خيبر وما غنمه الله من أموالهم. فكبت المشركون وساءهم ذلك وعلموا أن الحجاج قد كان كذبهم في خبره الأول، وسر ذلك المسلمون الذين بمكة وأتوا العباس فهنؤوه بسلامة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. ثم خرج العباس بعد ذلك فلحق بالنبي، صلى الله عليه وسلم، بالمدينة فأطعمه بخيبر مائتي وسق تمر في كل سنة، ثم خرج معه إلى مكة فشهد فتح مكة وحنين والطائف وتبوك، وثبت معه يوم حنين في أهل بيته حين انكشف الناس عنه.
قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله عن عمه ابن شهاب عن كثير بن عباس ابن عبد المطلب عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم حنين فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فلم نفارقه، والنبي، صلى الله عليه وسلم، على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي. فلما التقى المسلمون والكفار ولي المسلمون مدبرون وطفق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يركض بغلته نحو الكفار، قال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان أخذ بركاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا عباس ناد يا أصحاب السمرة. قال عباس: وكنت رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة؟ قال فوالله لكان عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادهم فقالوا: يا لبيك يا لبيك. قال فاقتتلوا هم والكفار والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار، ثم قصرت