وكان أول قتيل قتل من الأنصار حارثة بن سراقة، ويقال: قتله حبان بن العرقة، ويقال: عمير بن الحمام. قتله خالد بن الأعلم العقيلي. ثم خرج شيبة وعتبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فدعوا إلى البراز فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار بنو عفراء معاذ ومعوذ وعوف بنو الحارث، فكره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يكون أول قتال لقي فيه المسلمون المشركين في الأنصار، وأحب أن تكون الشوكة ببني عمه وقومه، فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم وقال لهم خيرا، ثم نادى المشركون: يا محمد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا بني هاشم! قوموا قتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله، فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف فمشوا إليه، فقال عتبة: تكلموا نعرفكم، وكان عليهم البيض، فقال حمزة: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، فقال عتبة: كفء كريم، وأنا أسد الحلفاء، من هذان معك؟ قال: علي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، قال: كفآن كريمان، ثم قال لابنه: قم يا وليد، فقام إليه علي بن أبي طالب، فاختلفا ضربتين، فقتله علي، ثم قام عتبة وقام إليه حمزة، فاختلفا ضربتين، فقتله حمزة، ثم قام شيبة وقام إليه عبيدة بن الحارث، وهو يومئذ أسن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف، يعني طرفه، فأصاب عضلة ساقه فقطعها، فكر حمزة وعلي على شيبة فقتلاه. وفيهم نزلت: هذان خصمان اختصموا في ربهم. ونزلت فيهم سورة الأنفال أو عامتها: يوم نبطش البطشة الكبرى، يعني يوم بدر، وعذاب يوم عقيم وسيهزم الجمع ويولون الدبر؛ قال: فرأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في أثرهم مصلتا للسيف يتلو هذه الآية وأجاز على جريحهم وطلب مدبرهم. واستشهد يومئذ من المسلمين أربعة عشر رجلا: ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، فيهم عبيدة بن الحارث