للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ سَيَأتِي مِنْ وَرَاءِ ذَنْبِكَ، وَلَمْ تَقِفْ نفسَك مَوْقِفًا لَا تَدْرِي مَاذا يقْضي اللهُ لَكَ فِيهِ؟ فَلَمْ يَزَالُوا يُؤَنِّبُوننِي (١) حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبُ نَفْسِي، فَقُلْتُ: هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ غَيْرِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، هِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ، وَمُرَارَةُ بنُ رَبِيعَةَ. ذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، لِي فِيهِمَا أُسْوَةٌ. فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي هَذَا أَبَدًا، وَلَا أُكَذِّبُ نَفْسِي. قَالَ: وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ النَّاسَ (٢) عَنْ كَلَامِنَا، أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَخْرجُ إِلَى السُّوقِ، وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَتَنَكَّرَت (٣) لَنَا النَّاسُ حَتَّى مَا هُمْ بِالَّذِينَ (٤) نَعْرِفُ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الحِيطَانُ حَتَّى مَا هِيَ بِالحِيطَانِ الَّتِي نعْرِفُ. وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الْأَرْضُ حَتَّى مَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي نَعْرِفُ، وَكُنْتُ أَقْوَى أَصْحَابي، فَكُنْتُ أَخْرجُ فأطوفُ بالأَسْوَاقِ، وَآتِي (٥) المَسْجِدَ فَأَدْخَلُ، فآتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَأَقُولُ: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَهُ (٦) بِالسَّلَامِ؟ فَإِذَا قُمْتُ أُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ، فَأَقْبَلْتُ قِبَلَ صَلَاتِي فنَظَرَ (٧) إِلَيَّ بِمُؤَخِّرِ عَيْنَيْهِ (٨)، فإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ أَعْرَضَ عَنِّي. وَاسْتَكَانَ (٩) صَاحِبَايَ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، لَا (١٠) يُطْلِعَانِ رُؤسَهُمَا.

قالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بالسُّوقِ، إِذَا رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ جَاءَ (١١) بِطَعَامٍ لَهُ يَبِيعُهُ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، فَأَتَانِي وَأَتَانِي بِصَحِيفَةٍ مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَأَقْصَاكَ، وَلَسْتَ بِدَارِ مَضْيَعَةٍ وَلَا هَوَانٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ: هَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلَاءِ وَالشَّرِّ، فَسَجَرْتُ لهَا التَّنُّورَ (١٢) فَأَحْرَقَتُهَا. فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعُونَ


(١) جاء في هامش (ح) : «أي يعاتبونني ويلومونني».
(٢) قوله: «الناس» ليس في (ح).
(٣) في (ح) و (د) : «وتنكر».
(٤) في (د) : «بالذي».
(٥) في (ح) و (د) : «وآتي إلى».
(٦) في (ح) و (د) : «شفتيه».
(٧) في (ح) و (د) : «نظر».
(٨) في (ح) و (د) : «عينه».
(٩) جاء في هامش (ح) : «أي خضع».
(١٠) في (د) : «ولا».
(١١) في (ح) و (د) : «إذ جاء رجل نصراني».
(١٢) في (د) : «تنور».

<<  <   >  >>