للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، وَقَفَلَ، وَدَنَا (١) مِنَ المَدِينَةِ (٢)، جَعَلْتُ أَتَذَكَّرُ بِمَاذَا أَخْرَجُ مِنْ سَخْطَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ كلَّ ذِي رَأيٍ مِنْ أَهْلِي، حَتَّى إِذَا قِيلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ مُصَبِّحُكُمْ بِالْغَدَاةِ، زَاحَ (٣) عَنِّي الْبَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَلَّا (٤) أَنْجُوَ إِلَّا بِالصِّدْقِ. ودَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ضُحًى، فَصَلَّى فِي المَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ مِنْ سَفَرٍ فَعَلَ ذَلِكَ، دَخَلَ المَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ، فَجَعَلَ يَأتِيَهِ مَنْ تَخَلَّفَ فَيَحْلِفُونَ (٥) لَهُ، وَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ وَيَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ عزَّ وجلَّ. فَدَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا (٦) جَالِسٌ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رسول اللهِ. قَالَ: «فَمَا خَلَّفَكَ؟» قُلْتُ: وَاللهِ لَوْ بَيْنَ يَدَي أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْركَ جَلَسْتُ لَخَرَجْتُ مِنْ سَخْطَتِهِ عَلِيَّ بِعُذْرٍ، لَقَدْ أُوتِيتُ جَدَلًا (٧)، وَلكن قد عَلِمْتُ يَا نَبِيَّ اللهِ أَنِّي إِنْ أُخْبِركَ (٨) اليَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ عَلِيَّ فِيهِ، وَهُوَ حَقٌّ فَإِنِّي أَرْجُو فيه عقبى (٩) اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثًا تَرْضَى عَليَّ (١٠) فِيهِ وَهُوَ كَذَبٌ، أَوْشَكَ اللهُ أَنْ يُطْلِعَكَ عَلَيَّ، وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ وَلَا أَخَفَّ حَاذًا (١١) مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فقَالَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَكُمُ الْحَدِيثَ، قُمْ حَتَّى يَقْضِي اللهُ فِيكَ»، فَقُمْتُ، فَثَارَ عَلَى أَثَرِي (١٢) نَاسٌ مِنْ قَوْمِي يُؤَنِّبُوننِي، فَقَالُوا (١٣) : وَاللهِ مَا نَعْلَمُكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، فَهَلَّا (١٤) اعْتَذَرْتَ إِلَى النَبِيِّ (١٥) صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ بِعُذْرٍ يرضى عَنْكَ فِيهِ، وَكَانَ اسْتِغْفَارُ النَّبيِّ


(١) في (ح) : «قريبا» وفي (د) : «وقفل قريبا»، وجاء في هامش (ح) : «حاشية: يقال قفل الرجل قفولًا: إذا رجع من السفر، والقافلة: التي هي راجعة من سفرها، وما دامت ذاهبة في السفر فلا تسمى قافلة حتى ترجع».
(٢) قوله: «من المدينة» ليس في (د).
(٣) جاء في هامش (ح) : «ذهب». في هامش الأصل: «زاح: أي ذهب».
(٤) في (ح) و (د) : «وعرفت أني لا».
(٥) في (ح) : «ويحلفون».
(٦) زاد في (د) : «هو».
(٧) جاء في هامش (ح) : «قيل: الجدل مقابلة الحجة بالحجة، وقيل: الجدل اللدد في الخصام، وكانت العرب تتفاخر بذلك، لأنه من فصاحة اللسان».
(٨) في (ح) و (د) : «أخبرتك».
(٩) في (ح) و (د) : «عفو».
(١٠) في (ح) و (د) : «عني».
(١١) قوله: «حاذًا» ليس في (ح) و (د).
(١٢) قوله: «على أثري» ليس في (ح) و (د).
(١٣) في (د) : «فقال».
(١٤) صورتها في الأصل: «فهذا».
(١٥) في (ح) و (د) : «رسول الله».

<<  <   >  >>