كتاب تلبيس إبليس - ت المزيد والسحيباني

الباب الثالث في التحذير من فتن إبليس ومكايده - فصل - ص: 136

أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: نا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: نا يحيى بن سعيد، قال: نا هشام، قال: حدثنا قتادة، عن مطرف، عن عياض بن حمار، أن النبي ﷺ خطب ذات يوم فقال في خطبته: "إن ربي ﷿ أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني في يومي هذا: كل ما نحلت عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وأنهم أتتهم الشياطين فأضلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا، ثم إن الله ﷿ نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عجميهم وعربيهم، إلا بقايا من أهل الكتاب" (١).

أخبرنا ابن الحصين، قال أنا ابن المذهب، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: نا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: نا أبو معاوية، قال: نا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئًا. قال: ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله. فيدنيه أو قال: فيلتزمه ويقول: نعم أنت! " (٢).

وبه قال أحمد: ونا أبو نعيم، قال: نا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: "إن إبليس قد يئس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش (٣) بينهم"، انفرد بإخراج هذا الحديث والذي قبله مسلم، وفي لفظ حديثه: "قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" (٤) (٥).

---

(١) أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ١٦٢)، وتقدم تخريجه في الحديث الذي قبله.
(٢) رواه أحمد في مسنده (٢/ ٣١٤ - ٣١٥)، وأخرجه مسلم (٤/ ٢١٦٧ رقم ٢٨١٣).
(٣) التحريش: الحمل على الفتن والحروب. النهاية (حرش).
(٤) معنى هدا الحديث: أن الشيطان يئس من اجتماع أهل الجزيرة على الإشراك بالله تعالى، أو أن الأمة كلها تجتمع على الشرك. وهذا مما اختصت به جزيرة العرب عن غيرها من بقاع الأرض الأخرى؛ كما أن من خصائصها كذلك أنها وقف على أهل الإسلام، فهي حرام على المشركين واليهود والنصارى، ومن خصائصها كذلك أن الإسلام حين يُضطهد في دياره وخارجها، فإنه ينحاز إلى هذه الجزيرة ويأوي إليها … انظر: خصائص جزيرة العرب للعلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (ص ٢٩ - ٣٧)، دحض شبهات على التوحيد للشيخ البابطين (ص ٢٩ - ٣٠).
(٥) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٣٨٤، ٣٦٦)، ورواه مسلم (٤/ ٢١٦٦ رقم ٢٨١٢)، والترمذي (٤/ ٢٩١ رقم ١٩٣٧).