للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف أراهم موضع قبرها، فكذبه الشيطان، وقال: لم يصدقكم أمر أختكم، إنه قد أحبل أختكم وولدت منه غلامًا فذبحه وذبحها معه فرقًا (١) منكم، وألقاها في حفيرة احتفرها خلف باب البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله، فانطلقوا فادخلوا البيت فإنكم ستجدونهما هنالك جميعا كما أخبركم. قال: وأتى الأوسط في منامه فقال له مثل ذلك، ثم أتى أصغرهم فقال له مثل ذلك.

فلما استيقظ القوم استيقظوا متعجبين لما رأى كل واحد منهم، فأقبل بعضهم على بعض يقول كل واحد منهم: لقد رأيت عجبا فأخبر بعضهم بعضا بما رأى، فقال كبيرهم: هذا حلم ليس بشيء فامضوا بنا ودعوا هذا، قال أصغرهم: لا أمضي حتى آتي هذا المكان فأنظر فيه، قال: فانطلقوا جميعا حتى أتوا البيت الذي كانت فيه أختهم، ففتحوا الباب وبحثوا الموضع الذي وصف لهم في منامهم، فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين في الحفرة كما قيل لهم، فسألوا عنها العابد فصدق قول إبليس فيما صنع بهما.

فاستعدوا عليه ملكهم، فأُنزل من صومعته وقدموه ليصلب، فلما أوثق على الخشبة أتاه الشيطان، فقال له: قد علمت أني صاحبك الذي فتنتك في المرأة حتى أحبلتها وذبحتها وابنها، فإن أنت أطعتني اليوم وكفرت بالله الذي خلقك خلصتك مما أنت فيه. قال: فكفر العابد بالله، فلما كفر خلى الشيطان بينه وبين أصحابه فصلبوه، قال: ففيه نزلت هذه الآية: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ﴾ إلى قوله: ﴿جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ [الحشر: ١٦ - ١٧] (٢).


(١) فرقًا: خوفًا. القاموس المحيط (فرق).
(٢) أخرجه المؤلف في ذم الهوى (ص ١٣١ - ١٣٤) بهذا الإسناد والمتن، وانظر ما قبله.

<<  <   >  >>