للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أسلم (١).

ومنهم زيد الفوارس بن حصن (٢)، ومنهم القلمس بن أمية الكناني كان يخطب بفناء الكعبة، وكانت العرب لا تصدر عن مواسمها حتى يخطبها ويوصيها، فقال يوما: يا معشر العرب أطيعوني ترشدوا! قالوا: وما ذاك؟ قال إنكم تفردتم بآلهة شتى، إني لأعلم ما الله بكل هذا راض، وأن الله رب هذه الآلهة، وأنه ليحب أن يُعبَد وحده، فتفرقت عنه العرب ذلك العام ولم يسمعوا مواعظه، وكان فيهم قوم يقولون: من مات فربطت على قبره راحلة وتركت حتى تموت حشر عليها، ومن لم يُفْعَل به ذلك حشر ماشيًا (٣)، وممن قاله عمر بن زيد الكلبي.

وأكثر هؤلاء لم يزل عن الشرك، وإنما تمسك منهم بالتوحيد ورفض الأصنام القليل كقس وزيد.

وما زالت الجاهلية تبتدع البدع الكثيرة، فمنها: النسيء، وهو تحريم الشهر الحلال وتحليل الشهر الحرام، وذلك أن العرب كانت قد تمسكت من ملة إبراهيم بتحريم الأشهر الأربعة، فإذا احتاجوا إلى تحليل المحرم للحرب أخّروا تحريمه إلى صفر، ثم يحتاجون إلى صفر ثم كذلك حتى تدافع السنة، وكانوا إذا حجوا قالوا:


(١) المشهور عن زهير بن أبي سُلمى أنه شاعر جاهلي، ولم يذكر من ترجم له أنه أسلم، بل ذكر الحافظ في الإصابة (٨/ ٢٩٢) عن أبي أحمد العسكري أنه قال: كان موت زهير قبل المبعث. ولعلّ المصنّف تجوّز في إطلاق الإسلام على زهير؛ لما عُرف عنه من إقرار بالله وباليوم الآخر.
(٢) كذا بجميع النسخ، وفي خزانة الأدب: (حصين).
(٣) ذكر ذلك ابن حبيب في المحبر (ص ٣٢٣ - ٣٢٤) في السنن التي كانت الجاهلية سنتها، فقال: وكان الرجل إذا مات عمدوا إلى راحلته التي ركبها، فيوقفونها على قبره معكوسة رأسها إلى يدها .. فلا تعلف ولا تسقى حتى تموت، ليركبها إذا خرج من قبره. وكانوا يقولون: إن لم يفعل هذا حشر يوم القيامة على رجله.

<<  <   >  >>