للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل الجنة وعقاب أهل النار أمر لا يوصف الله بالقدرة على دفعه، ولا تصح الرغبة حينئذ إليه ولا الرهبة منه؛ لأنه لا يقدر إذ ذاك على خير ولا شرّ، ولا نفع فيه ولا ضرّ. قال: ويبقى أهل الجنة خمودًا سكوتًا، لا يفيضون بكلمة ولا يتحركون حركة ولا يقدرون ولا ربهم على فعل شيء من ذلك؛ لأن الحوادث كلها لابد لها من آخِر تنتهي إليه لا يكون بعده شيء.

قال المصنف: قلت: وذكر أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد البَلْخِي في (كتاب المقالات): أن أبا الهذيل اسمه محمد بن الهذيل العلاف، وهو من أهل البصرة من عبد القيس مولى لهم، وانفرد بأن قال (١): أهل الجنة تنقضي حركاتهم، فيصيرون إلى سكون دائم، وأن لِمَا يقدر الله عليه نهاية لو خرج إلى الفعل -ولن يخرج- استحال أن يوصف الله بالقدرة على غيره. وكان يقول (٢): إن علم الله هو الله، وإن قدرة الله هي الله.

وقال أبو هاشم (٣): من تاب من كل شيء إلا أنه شرب جرعة خمر فإنه يعذب كعذاب أهل الكفر أبدًا، وقال النظام (٤): إن الله لا يقدر على شيء من الشر، وإن إبليس يقدر على الخير والشر. وقال هشام الفوطي (٥): إن الله لا يوصف بأنه عالم لم


(١) انظر: مقالات الإسلاميين (٢/ ١٧٨)، الفرق بين الفِرق (١٢٢)، أصول الدين (٩٤)، الفِصل لابن حزم (٥/ ٥٨)، التبصير للإسفراييني (٧٠).
(٢) انظر: مقالات الإسلاميين (٢/ ١٧٧ - ١٧٨)، شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (١٨٣)، الفرق بين الفِرق (١٢٧)، مذاهب الإسلاميين د. بدوي (١/ ١٤٧).
(٣) انظر: الفرق بين الفِرق للبغدادي (١٩٠ - ١٩١)، التبصير للإسفراييني (٨٧)، غير أنهما ذكرا أنه كان يقول: بأن التوبة لا تصح من ذنب، من الإصرار على قبيح آخر.
(٤) انظر: مقالات الإسلاميين (٢/ ٢٣٢)، الفرق بين الفِرق (١٣٣ - ١٣٤)، الفِصل لابن حزم (٥/ ٥٩)، مذاهب الإسلاميين د. بدوي (١/ ٢١٠).
(٥) في مقالات الإسلاميين للأشعري: (١/ ٢٣٨): (كان -أي: الفوطي- إذا قيل له: لم يزل الله عالمًا بالأشياء؟ قال: لا أقول لم يزل عالمًا بالأشياء، وأقول: لم يزل عالما أنه واحدٌ لا ثاني له).

<<  <   >  >>