للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد مع المعجزات؟ ثم ما يؤمنكم أن يكون ما سمع عن الإمام المعصوم له باطن غير ظاهره (١)؟

ثم يقال لهم: هذه البواطن والتأويلات يجب إخفاؤها أم إظهارها؟ فإن قالوا: يجب إظهارها، قلنا: فلم كتمها محمد ؟ فإن قالوا: يجب إخفاؤها، قلنا: ما وجب على الرسول إخفاؤه كيف حل لكم إفشاؤه؟

قال ابن عقيل: هلك الإسلام بين طائفتين: بين الباطنية والظاهرية:

- فأما أهل الباطن فإنهم عطّلوا ظواهر الشرع، بما ادعوه من تفاسيرهم التي لا برهان لهم عليها، حتى لم يبق في الشرع شيء إلا وقد وضعوا وراءه معنى، حتى أسقطوا إيجاب الواجب، والنهي عن المنهي.

- وأما أهل الظاهر (٢) فإنهم أخذوا بكل ما ظهر مما لابدَّ من تأويله، فحملوا الأسماء والصفات على ما عقلوا.

والحق: بين المنزلتين، وهو أن نأخذ بالظاهر ما لم يصرفنا عنه دليل، ونرفض كل باطن لا يشهد به دليل من أدلة الشرع.

قال: ولو لقيت مُقَدَّم هذه الطائفة المعروفة بالباطنية، لم أكن سالكًا معه طريق العلم، بل التوبيخ والإزراء على عقله وعقول أتباعه، بأن أقول: إن للآمال طرقًا تسلك ووجوهًا توصل، ووضع الأمل في جهة الناس حمق، ومعلوم أن هذه الملل التي قد طبقت الأرض أَقْرَبُهَا شريعةُ الإسلام التي تتظاهرون بها، وتطمعون في


(١) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٢٣٢ - ٢٣٥)، عيون الناظرات للسكوني (ص ٢٨١ - ٢٨٣).
(٢) من الخطأ تلقيب مثبتة الصفات على ما نطق به الوحي: أهل الظاهر؛ لأن إمرار نصوص أسماء الله تعالى وصفاته على ظاهرها كما وردت هو منهج رجال خير القرون. وابن عقيل هنا سار على منهجه في التأويل وقدحه لأهل السنة. وانظر: كتاب الفنون له (١/ ٦٦ - ٦٨)، (٢/ ٦٠٩ - ٦١٠).

<<  <   >  >>