للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسبب انبساط هؤلاء يختلف، فمنهم من يكون فاسد العقيدة في أصل الدين وهو يتفقه ليستر نفسه، أو ليأخذ من الوقف، أو ليرؤس، أو ليناظر.

ومنهم من عقيدته صحيحة لكن يغلبه الهوى وحب الشهوات، وليس عنده صارف عن ذلك؛ لأن نفس الجدل والمناظرة محرك إلى الكبر والعجب، وإنما يتقوم الإنسان بالرياضة ومطالعة سِيَر السلف، وأكثر القوم في بُعْد عن هذا، وليس عندهم إلا ما يعين الطبع على شموخه، فحينئذ يسرح الهوى بلا رادٍّ!

• ومنهم: من يلبس عليه إبليس بأنك عالم وفقيه ومُفْتٍ، والعلم يدفع عن أربابه. وهيهات! فإن العلم أولى أن يُحاجَّه ويضاعف عذابه كما ذكرنا في حق القراء (١).

وقد قال الحسن البصري: إنما الفقيه من يخشى الله ﷿ (٢).

قال ابن عقيل: رأيت فقيهًا خراسانيًّا عليه حرير وخواتيم ذهب فقلت له: ما هذا؟ فقال: خُلَعُ السلطان وكَمَدُ الأعداء. فقلت: بل هو شماتة الأعداء بك إن كنت مسلمًا؛ لأن إبليس عدوك، وإذا بلغ منك مبلغًا ألبسك ما يسخط الشرع فقد أشمته بنفسك، وهل خلع السلطان سابقة لنهي الرحمن؟!

يا مسكين! خَلَعَ عليك السلطان فانخلعتَ به من الإيمان، وقد كان ينبغي أن يخلع عنك السلطان لباس الفسق ويُلْبِسَ لباسَ التقوى.

رماكم الله بخزية! حيث هَوَّنْتُم أمرَه هكذا، ليتك قلتَ: هذه رعونات الطبع! الآن تمَّتْ محنتُك؛ لأن عذرك دليل على فساد باطنك.


(١) انظر: (ص ٢٥١).
(٢) أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (٢/ ٣٤١ رقم ١٠٦٦).

<<  <   >  >>