للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

° والثالث: من أين له أن الله يحبه؟ وهذه دعوى بلا دليل، وقد قال النبي : "مَنْ قال إني في الجنة فهو في النار" (١).

° أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا إسماعيل الحيري، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السُّلمي قال: حُكِيَ عن عمرو المكي أنه قال: كنت أماشي الحسين بن منصور في بعض أزقة مكة وكنت أقرأ القرآن، فسمع قراءتي فقال: يمكنني أن أقول مثل هذا! ففارقته (٢) (٣).

أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: حدثني مسعود بن ناصر. قال: أخبرنا ابن باكويه الشيرازي، قال: سمعت أبا زرعة الطبري يقول: سمعت محمد بن يحيى الرازي يقول: سمعت عمرو بن عثمان يلعن الحلاج ويقول: لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت: أيَّ شيء الذي وجد الشيخ عليه؟ فقال: قرأت آية من كتاب الله فقال: يمكنني أن أقول أو أؤلف مثله وأتكلم به (٤)!


(١) ذكره الديلمي في فردوس الأخبار (٤/ ٢٤ رقم ٥٥٦٥) من حديث ابن عباس بلفظه مع زيادة في آخره، ورواه الطبراني في الصغير (١/ ١٢٠ رقم ١٧٦) موقوفًا على يحيى بن أبي كثير، وهو تابعي صغير بلفظه مع قلادة في أوله وآخره.
(٢) أفرد المصنف للحلاج الحسين بن منصور صفحات خاصة من بين مشايخ الصوفية الذين ظهرت منهم أقوال تدل على سوء الاعتقاد، والسبب في ذلك -فيما ظهر لي- هو مجاهرة هذا الأخير بآرائه الكفرية وتصريحه بها، دون اللجوء -كما هو شأن الآخرين- إلى لغة الترميز والإشارات، واغترار كثير من الناس به، جهلًا منهم بحقيقة حاله وآرائه.
والرواية التي أوردها المصنف عن الحلاج هنا، هي نفس مقولة بعض كفار قريش الذين نزل فيهم قوله تعالى: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا﴾ [الأنفال: ٣١]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ٩٣].
وفي موقف الشيخ عمرو المكي دلالة على الولاء والبراء اللذين يجب أن يكونا في الله تعالى، وفيه كذلك برة للمغزّين بالحلاج والمحسنين الظن به رغم ما أُثر عنه من كفر وإلحاد!
(٣) أخرجه الخطيب في تاريخه (٨/ ١٢١).
(٤) أخرجه ابن الجوزي في المنتظم (١٣/ ٢٠٣)، ورواه الخطيب في تاريخه (٨/ ١٢١)، وأورده الذهبي في السير (١٤/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>