للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تخبر أن النبي كان له جُبَّة مكفوفة الجيب والكُمَّين والفرجين بالديباج (١)، وإنما وقع الإنكار لأن هذه الشوازك ليست من جنس الثوب، والديباج ليس من جنس الجُبَّة، فاستدللنا بذلك على أن لهذا أصلًا في الشرع يجوز مثله (٢).

قال المصنف: قلت: لقد أصاب السُّكري في إنكاره وقل فقه ابن طاهر في الرد عليه، فإن الجبة المكفوفة الجيب والكمين قد جرت العادة بلبسها، كذلك فلا شهرة في لبسها، فأما الشوازك فتجمع شهرة الصورة، وشهرة دعوى الزهد، وقد أخبرتك أنهم يقطعون الثياب الصحاح ليجعلوها شوازك لا عن ضرورة، يقصدون الشهوة لحسن ذلك والشهرة بالزهد؛ ولهذا وقعت الكراهة، وقد كرهها جماعة من مشايخهم لما بيَّنا:

° أخبرنا أبو بكر بن حبيب العامري، قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق، قال: حدثنا أبو عبد الله بن باكويه قال: سمعت الحسين بن أحمد الفارسي يقول: سمعت أبا الحسين بن هند يقول: سمعت جعفرًا الحذاء، يقول: لما فقدوا الفوائد من القلوب اشتغلوا بالظواهر وزينتها. يعني بذلك: أصحاب المصبغات والفوط (٣).

° أخبرنا ابن حبيب، قال: أخبرنا ابن أبي صادق، قال: نا ابن باكويه، قال: أخبرني أبو يعقوب الخرَّاط، قال: سمعت النوري يقول: كانت المرقعات غطاء على الدُّر، فصارت جيفًا على المزَابِل (٤).

° قال ابن باكويه: وأخبرني أبو الحسن الحنظلي، قال: نظر محمد بن علي الكتاني إلى أصحاب المرقعات فقال: إخواني إن كان لباسكم موافقًا لسرائركم لقد أحببتم أن يطلع الناس عليها، وإن كان مخالفًا لسرائركم فقد هلكتم ورب الكعبة (٥)!


(١) أخرجه مسلم (٣/ ١٦٤١ رقم ٢٠٦٩)، وأحمد في مسنده (٦/ ٣٥٤).
(٢) أخرجه محمد بن طاهر المقدسي في صفوة التصوف (ص ٥٠٤).
(٣) لم أقف عليه.
(٤) أخرجه أبو نعيم في الحلية (١٠/ ٢٥١)، وأورده القشيري في الرسالة (ص ٨٤).
(٥) عيون الأخبار لابن قتيبة (١/ ٤١٩)، ومحاضرات الأدباء للأصفهاني (١/ ٤٧٧)، ولكنه منسوب لابن السماك الصوفي.

<<  <   >  >>