للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف: قلت: قد كان يمكنه أن يستقرض ثم يبيعها ويعطي، فلقد فَرَّط!

• أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد، قال: أنبأنا رزق الله بن عبد الوهاب، قال: أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت جدِّي يقول: دخل أبو الحسين الدَّرَّاج البغدادي الرَّيَّ، وكان يحتاج إلى لفات لرجله، فدفع إليه رجل منديلًا دبيقيًّا فشقَّه بنصفين وتلفَّف به، فقيل له: لو بعته واشتريت به لفافًا وأنفقتَ الباقي! فقال: أنا لا أخون المذهب (١).

• قال المصنف: وقد كان أحمد الغزالي ببغداد، فخرج إلى المحوّل فوقف على ناعورة (٢) تَئِنُّ، فرمى طيلسانه عليها فدارت فتقطع الطيلسان (٣).

وقال المصنف: قلت: فانظر إلى هذا الجهل والتفريط والبعد من العلم! فإنه قد صح عن رسول الله أنه "نهى عن إضاعة المال" (٤) ولو أن رجلًا قطع دينارًا صحيحًا وأنفقه كان عند الفقهاء مفرطا، فكيف بهذا التبذير المحرَّم!

ونظير هذا تمزيقهم الثياب المطروحة عند الوجد على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، ثم يدَّعون أن هذه حالة، ولا خير في حالة تنافي الشرع (٥)، أفتراهم عبيد


(١) لم أقف على تخريجه.
(٢) ناعورة: هي التي يستقى بها، يديرها الماء ولها صوت. مختار الصحاح (نعر).
(٣) ذكر هذا الخبر ابن الجوزي في المنتظم (١٧/ ٢٣٧ - ٢٣٨) بنحوه.
(٤) تقدّم تخريجه (ص ٤٤٧).
(٥) انظر: الكلام الذي أسنده المصنِّف إلى الحسين النوري (ص ٤٢٧)، وهو يحدد ضابط الحال المستقيمة من غيرها.
وقال ابن القيم: (كل حالٍ خرج صاحبه عن حكم الكتاب. وما جاء به الرسول فهو شيطاني، كائنًا من كان) الروح (٢/ ٧٧٣). وقال أيضًا: (وسير أولياء الله وعباده الأبرار والمقربين .. هو إحالة الحال على العلم، وتحكيمه عليه وتقديمه، ووزنه به وقبول حكمه، فإن وافقه العلم، وإلّا كان حالًا فاسدًا منحرفًا عن أحوال الصادقين بحسب بعده عن العلم، فالعلم حاكم، والحال محكوم عليه. والعلم راعٍ والحال =

<<  <   >  >>