للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقير يحتجم اشترى له لحمًا وطبخه فأطعمه فقصدته وقلت: أريد أن أحتجم. فأَرسَلَ من يشتري لحمًا وأمر بإصلاحه، وجلست بين يديه فجعلت نفسي تقول: ترى يكون فراغ القدر مع فراغ الحجامة؟ ثم استيقظت وقلت: يا نفس، إنما جئت تحتجمين لتطعميني، عاهدت الله إن ذقت من طعامه شيئًا! فلما فرغ انصرفت، فقال: سبحان الله أنت تعرف الرسم. فقلت: ثَمَّ عقد! فسكت.

وجئت إلى المسجد الحرام ولم يُقدَّر لي شيء آكله، فلما كان من الغد بقيت إلى آخر النهار ولم يتفق أيضًا، فلما قمت لصلاة العصر سقطت وغشي عليَّ واجتمع حولي ناس وحسبوا أني مجنون، فقام إبراهيم وفرَّق الناس، وجلس عندي يحدثني، ثم قال: تأكل شيئًا؟ قلت: قرب الليل. فقال: أحسنتم يا مبتدئون، اثبتوا على هذا تفلحوا. ثم قام، فلما صلينا عشاء الآخرة إذا هو قد جاءني ومعه قصعة فيها عدس ورغيفان ودورق ماء، فوضعه بين يدي وقال: كُلْ! فأكلت الرغيفين والعدس، فقال: فيك فضل تأكل شيئًا آخر؟ قلت: نعم. فمضى وجاء بقصعة عدس ورغيفين فأكلتهما، وقلتُ: قد اكتفيت. فاضطجعت فما قمت ليلتي، ونمت إلى الصباح ما صليت ولا طفت (١).

• أنبأنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن عبد الله الصوفي، يقول: سمعت منصور بن عبد الله الأصبهاني، يقول: سمعت أبا علي الروذباري يقول: إذا قال الصوفي بعد خمسة أيام: أنا جائع. فألزموه السوق وأمروه بالكسب (٢).

• أنبأنا عبد المنعم، قال: نا أبي، قال: سمعت ابن باكويه يقول: سمعت أبا أحمد الصغير يقول: أمرني أبو عبد الله بن خفيف أن أقدم إليه كل ليلة عشر حبات زبيب


(١) لم أقف على تخريجه.
(٢) أخرجه القشيري في رسالته (ص ٢٦١ - ٢٦٢).

<<  <   >  >>