للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديثُ أبي مُوسَى: قدِمْنَا بعدَ خَيْبَر بِثَلاثٍ فأسْهَم لنَا (١).

وقال المصنِّفُ : قلت: لقد تلاعَبَ هذا الرَّجلُ بالشَّريعةِ واستَخْرجَ بِسوءِ فهمهِ ما يظنُّهُ يوافِقُ مذهبَ المتأخِّرين عن الصُّوفيَّة فإنَّا ما عرفنَا هذا في أوائِلِهِم.

وبيانُ فسادِ استخراجِهِ: أن هذا الذي خَرَقَ الثوبَ ورمى بهِ إن كان حاضرًا فما جاز لهُ تخريقه، وإن كان غائِبًا فليسَ لهُ تصرُّفٌ جائزٌ شرعًا، لا هِبةً ولا تملِيكًا.

وكذلك يزعُمونَ إن كان ثوبُهُ كالشيءِ الذي يقعُ من الإنسانِ ولا يدْري بهِ، فلا يجوزُ لأحدٍ أن يتَمَلَّكَه، وإنْ رماهُ فِي حالِ حضورر لا على أحدٍ فلا وجهَ لتملُّكِهِ.

ولَو رماهُ على المغَنِّي لم يَمْلكْه، لأنَّ التمليكَ لا يكون إلا بعقدٍ شرعيٍّ، والرميُ ليسَ بعقد، ثم نقدِّر أنه ملْكٌ للمُغَنِّي، فما وجهُ تصرُّفِ الباقين فيهٍ؟!

ثم إذا تصرَّفوا فيه خَرَقوهُ خِرَقًا، وذلك لا يجُوزُ لِوَجْهَين:

أحدُهُما: أنهُ تصرفٌ فيما لا يملِكونه.

والثاني: أنه إضاعةٌ للمالِ (٢).

ثم ما وجهُ إسْهامِ من لم يَحْضُر؟!

فأمَّا حديثُ أبِي مُوسى فقال العُلَماءُ منهم الخطَّابيُّ: يُحتملُ أن يكونَ رسولُ الله


(١) الحديث ورد مختصرًا ومطولًا من حديث أبي موسى الأشعري ، وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما: فأخرجه البخاري رقم (٣١٣٦)، وأخرجه مسلم رقم (٢٥٠٢) وأبو داود رقم (٢٧٢٥) والترمذي رقم (١٥٥٩) والإمام أحمد ٤/ ٤٠٦.
(٢) قال أبو بكر الطرطوشي: وأما تمزيق الثياب، فهو يجمع إلى ما فيه من السخافة إضاعة المال. تحريم السماع ص ٢٧٣.

<<  <   >  >>