للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] وبيَّنَ عِلَّةَ ذلكَ بقوله تعالى: ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾ [النساء: ١٠٢].

ومَن عَلِمَ الاحتياطَ هكَذا؛ لا يُقالُ: إنَّ التوكلَ عليهِ تركُ ما عَلِم، لكنَّ التوكلَ يقتضِي التفويض فيما لا وُسْعَ فيهِ ولا طاقة، قال : "اعقِلْها وتوكَّل"، وَلَو كَان التوكُّل تركَ التحرُّزِ لخصَّ بهِ خير الخلقِ في خيرِ الأحوالِ وهِي حالةُ الصَّلاةِ.

وقد ذَهبَ الشافعيُّ إلى وجوبِ حملِ الِسِّلاحِ حينئذٍ؛ لقولِهِ تعالى: ﴿وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] (١).

فالتوكلُ لا يَمنعُ من الاحترازِ والاحتياطِ، فإنَّ مُوسى لما قيل له: ﴿إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ [القصص: ٢٠] خرجَ، ونبيُّنا خَرجَ من مكةَ لخوفهِ مِن المتآمِرينَ عَلَيهِ، ووقاهُ أبو بكرٍ بسدِّ أثقابِ الغارِ (٢).

فأعطَى القومُ التحرُّزَ حقَّهُ ثم توكَّلوا.


(١) ما ذكره ابن عقيل هو أحد قولي الإمام الشافعي في الأم ١/ ٢١٩ قال الشافعي: وأحب للمصلى أن يأخذ سلاحه في الصلاة .. وقال: ولا أجيز له وضع السلاح كله في صلاة الخوف. قال: الشيرازي في المهذب ١/ ١٠٧: قال في الأم: يستحب. وقال بعده: يجب. فهما قولان عند الشافعية والجمهور على استحبابه. قال النووي في المجموع ٤/ ٣٦٨: والأصح عندنا أنه لا يجب لكن يستحب وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود. وانظر لمزيد بيان: نهاية المحتاج ٢/ ٣٦٧ وروضة الطالبين ٢/ ٥٩ وتحفة المحتاج ٣/ ١١ والكافي ١/ ٢١١ والمبدع ٢/ ١٣٥ وكشاف القناع ٢/ ١٧.
(٢) تقدم ذكر طرف من ذلك في حديث الهجرة ص ٦٥٠.

<<  <   >  >>