للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: نَعم، ولكِن أرِيد أن يصِحَّ لي عِلمُك الذي تقول هو مِن عِندِ اللهِ.

قال: نعم، أبَيِّنُهُ لكَ قدرَ ما تستقرُّ في قلبِك معرِفتُه.

ثمَّ قال: يا شيخ! علِمتَ أنَّ اللهَ تعالى كلَّمَ موسَى تكلِيمًا، وكلَّم محمدًا ورآهُ كِفاحًا، وأنَّ حلمَ (١) الأنبِياءِ وحيٌ؟

قال: نعم.

قال: أمَا علِمتَ أنَّ كلامَ الصِّدِّيقينَ والأولياء بالإلهام منه، وفوائِدُهُ مِن قلوبِهم، حتَّى أنطَقَهم بالحِكمةِ ونَفعَ بِهم الأمَّة؟! وممَّا يؤكِّدُ ما قلتُ، ما أَلهَمَ اللهُ تعالى أمَّ موسَى أن تُلقِيَ موسَى في التابوتِ فألقَتهُ، وألهَمَ الخضرَ في السَّفِينةِ والغُلامِ والحائِطِ، وقوله لموسى: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ [الكهف: ٨٢]، وكما قال أبو بكرٍ لعائشةَ : أنَّ ابنةَ خارِجَة حامِلةٌ ببنتٍ (٢)، وألهَم عمرَ فنادى: يا سارِية الجبل (٣) (٤).

أنبأنا ابنُ ناصِر، قال: أنبأنا أبو الفضلِ السهلكِي، قال: سمعتُ أبا عبدِ الله الشِّيرازِي يقول: سمعتُ بكران بنَ أحمدَ القزوِينِي يقول: سمعتُ يوسفَ بنَ الحسَينِ يقول: سمعتُ إبراهيمَ ستنبه يقول: حضرتُ مجلسَ أبِي يزيدَ والناسُ يقولون: فلانٌ لقِي فُلانًا وأخَذَ مِن عِلمِه وكتَبَ منهُ الكثيرَ، وفلانٌ لقِي فُلانًا. فقال أبو يزيدَ: مسَاكِين! أخذُوا عِلمَهُم ميِّتًا عن ميِّتٍ، وأخَذنَا عِلمَنا مِن الحَيِّ الذِي لا يموت (٥).


(١) في (ت): حكم.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٧٥٢ والبيهقي في الكبرى ٦/ ١٦٩ و ١٧٨ و ٢٥٧ والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٨٨ واللالكائي في كرامات الأولياء ص ١٢٣ وابن عساكر في تاريخه ٣٠/ ٤٢٤ و ٦١/ ٢٧٧ ونقله المزي في تهذيب الكمال ٣٥/ ٣٨٠.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة ١/ ٢٦٩ وابن كثير في البداية والنهاية ٧/ ١٣١ وقال: إسناده جيد حسن. وابن حجر في الإصابة ٣/ ٦ وقال: إسناده حسن. وحسنه الألباني في المشكاة رقم (٥٩٥٤).
(٤) أخرجه أبو الفضل السهلكي في النور من كلمات أبي طيفور ص ١١٣.
(٥) أخرجه أبو الفضل السهلكي في النور من أخبار أبي طيفور ص ١٠٠ والقزويني في التدوين في أخبار قزوين ٢/ ٣٥٧ وذكره المناوي في فيض القدير ٣/ ٣٩٦.

<<  <   >  >>