للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل:

قال المصنِّفُ: وقد فرَّقَ كثير من الصُّوفيَّةِ بينَ الشَّريعةِ والحقيقة (١)، وهَذا جهلٌ مِن قائلِهِ؛ لأنَّ الشريعةَ كلَّها حقائِقٌ، فإن كانوا يريدون بذلك الرُّخصةَ والعزيمةَ فكِلاهُما شريعة.

وقد أنكَرَ عَليهِم جماعةٌ مِن قُدَمائِهِم في إعراضِهِم عن ظواهِر الشَّرع:

• أخبَرنا أبو بكرِ بن حبيبٍ، قال أنا أبو سَعيدِ بنُ أبي صادِقٍ، قال: أنا ابنُ باكويه، قال: سمعتُ أبا الحسَنِ غُلامَ شعوانةَ بالبصرةِ يقول: سمعتُ أبا الحسَن بن سالِمٍ يقول: جاءَ رجل إلى سهلِ بنِ عبدِ اللهِ وبيِدهِ مَحبَرَةٌ وكتاب، فقال لِسهل: إن أحبَبتَ أن أكتُبَ شيئًا ينفعُنِي اللهُ به، فقال: اكتب إن استطعتَ أن تَلقَى اللهَ وبيدِك


= يصلح ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ومن جعل دينه غرضًا للخصومة كثر تنقله.
ونحوه أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٧/ ١٨٧ عن الحسن البصري.
(١) قال القشيري في الرسالة ص ٨٢ - ٨٣: الشريعة أمر بالتزام العبودية والحقيقة مشاهدة الربوبية. ثم قال: فالشريعة تعبده والحقيقة أن تشهده والشريعة قيامٌ بما أمر والحقيقة شهودٌ لما قضى وقدر وأخفى وأظهر.
فالصوفية يعنون بالحقيقة خلاف الشريعة والمطلع على كتبهم يجد أنهم يكررون هذا المصطلح بكثرة وحقيقته أنه لا يبعد كثيرًا عن مصطلح الظاهر والباطن عند الباطنية. فسموا علومَ الشريعةِ العلمَ الظَّاهِر، وسموا هواجِسَ النفوسِ وأمالي الشياطين العلمَ الباطِن، وزعموا أنهم يأخذونه عن الله مباشرة بلا واسطة وأن علم الظاهر لا يفيدهم شيئًا. والمطلع على هذا الكتاب الذي بين أيدينا يرى فيه أن المؤلف استنكر عليهم هذا التقسم وأوضح أنه أوقعهم في انحرافات عدة منها:
- ما ذكره من تفسيرهم للقرآن والسنة بأهوائهم وتأويلاتهم.
- استشهادهم بأحاديث وأخبار باطلة؛ لأجل تأييد معتقدهم الفاسد.
- ادعاء التلقي عن الله مباشرة وهذا يؤدي إلى القول بعدم ختم النبوة وهذا انحراف عقدي خطير.
انظر لمزيد بيان: جامع الأصول في الأولياء ص ٥٩ وكشف المحجوب ص ٤٦٥ وحدائق الحقائق ص ٢٢٨ وإيقاظ الهمم في شرح الحكم ١/ ١٥٩ والمعجم الصوفي ص ٧٨ وموسوعة مصطلحات التصوف ص ٢٩٨ - ٣٠٠ وفي بيان بطلان زعمهم هذا انظر: إغاثة اللهفان ١/ ١١٩ ومظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية ١/ ١٠٩ - ١٣٦.

<<  <   >  >>