للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنِّفُ قلت: انظُرُوا وفَّقَكُم اللهُ إلى هذ الحماقَةِ، وتسمِيةِ المنعم بهِ مَكرًا، وإضافةَ المكرِ بِهذا إلى اللهِ ، وعَلى مُقتَضَى قولِ هَذا أنَّ الأنبياءَ لا يأكُلونَ ولا يَشربونَ، بل يكونونَ مَشغُولينَ باللهِ ﷿، فما أجرَأَ هذا الرَّجلَ على مِثلِ هذهِ الألفاظِ القِباحِ!

وهل يجوزُ أن يوصَفَ اللهُ ﷿ بالمكرِ على ما نعقِلهُ مِن مَعنَى المكر! وإنما معنى مكرِهِ وخِداعِهِ أنَّه يُجازِي الماكِرِينَ والخادِعينَ (١).

وإني لأتعَجَّبُ مِن هؤلاءِ، وقد كانُوا يتورَّعُونَ في اللُّقمةِ والكلِمةِ، كيفَ انبَسَطُوا في تفسيرِ القرآنِ إلى ما هذا حدُّهُ! وقد أخبَرنا عِليُّ بن عُبَيدِ اللهِ وأحمدُ بن الحسَن وعبدُ الرَّحمن بنُ محمدٍ، قالوا: نا عبدُ الصَّمدِ بنُ المأمون، قال: أخبرنا عليُّ بنُ عمر الحربِي، قال: أنا أحمدُ بن الحسن ابن عبدِ الجبار الصُّوفي، قال: نا بِشرُ بنُ الولِيد، قال: نا سُهَيل أخو حرملٍ، قال: نا أبو عِمرانَ الجوِينِي، عن جُندُب، قال: قال رسولُ


(١) هذا مخالف لمنهج أهل السنة من إثبات صفة المكر لله كما يليق بجلال الله وعظمته، وأن تأويل هذه الصفة بالمجازات هو من تحريف أهل الكلام. والمكر من صفات الله الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة وهي من الصفات التي لايوصف الله بها وصفًا مطلقًا "فالمكر ينقسم إلى محمود ومذموم فإن حقيقته: إظهار أمر وإخفاء خلافه ليتوصل به إلى مراده فمن المحمود مكره تعالى بأهل المكر مقابلة لهم بفعلهم وجزاءً لهم بجنس عملهم قال تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠] وقال تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ٥٠] ". إغاثة اللهفان ١/ ٣٨٨ وقال شيخ الإسلام: وكذلك ما ادعوا أنه مجاز فى القرآن كلفظ المكر والاستهزاء والسخرية المضاف إلى الله وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز وليس كذلك بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلمًا له وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلًا كما قال تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النمل: ٥٠، ٥١] انظر: الفتاوى ٣/ ١٤ ولمزيد بيان انظر: تفسير ابن جرير الطبري ١/ ١٣٣ وغريب الحديث للحربي ١/ ٩٤ والتدمرية ص ٢٦ وأعلام الموقعين ٣/ ١٩٠ ومختصر الصواعق ص ٢٥٨.

<<  <   >  >>