للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنِّفُ: قلت: هذا سدٌّ لِبابِ السُّؤال والدُّعاء، وهو جهلٌ بالعلم (١).

• أخبَرنا محمدُ بن عبدِ الملكِ بن خيرون، قال: أنا أحمدُ بنُ الحسَنِ الشَّاهِد، قال: قُرِيء على محمد بنِ الحسن الأهوازِي (٢) وأنا أسمعُ، سمعت أبا بكرٍ الدنف الصوفِي يقول: سمعتُ الشبليَّ وقد سَألهُ شابٌّ يا أبا بكرٍ! لِم تقول: اللهُ، ولا تقول: لا الهَ إلَّا اللهُ؟ فقال الشبِليُّ: أستحِي أن أوجِّهَ إثباتًا بعدَ نفيٍ. فقال الشابُّ: أريد حجةً أقوى مِن هذا. فقال: أخشَى أن أوخَذَ في كلِمةِ الجُحودِ ولا أصِلُ إلى كلمةِ الإقرارِ (٣)!

قال المصنِّفُ : انظروا إلى هذا العِلمِ الدَّقيقِ! فإنَّ رسولَ اللهِ كان يأمُرُ بقولِ: "لا إلهَ إلَّا الله" ويحُثُّ عليها (٤)، وفي الصَّحيحَين عنهُ أنهُ كان يقولُ فِي دُبُرِ كلِّ


(١) ترك الدعاء بحجة أن الله يعلم حاجة العبد قبل أن يسأل وأنه لو شاء لأعطاه مسألته بغير سؤال هذه الحجة باطلة؛ إذ فيها منافاة للإيمان بالقدر وتعطيل للأسباب وترك لعبادة عظيمة هي الدعاء بها يرفع البلاء ويرد القضاء ويستجلب الخير. كما أن فيه منافاة لفعله وما أمر به أصحابه من التضرع إلى الله والتوجه إليه والآيات في كتاب الله شاهدٌ على ذلك إذ دعاء الأنبياء والصالحين في كتاب الله مما لا يخفى.
وما يحتج به بعض الصوفية من قول إبراهيم "حسبي من سؤالي علمه بحالي"، فهذا حديث باطل لا أصل له قال شيخ الإسلام: ومن هؤلاء من يحتج بما يروى عن الخليل أنه لما ألقي فى النار قال له جبرئيل: هل لك من حاجة. فقال: "أما إليك فلا". قال: سل. قال: "حسبي من سؤالي علمه بحالي … " فكلام باطل خلاف ما ذكره الله عن إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء من دعائهم لله ومسألتهم إياه وهو خلاف ما أمر الله به عباده من سؤالهم له صلاح الدنيا والآخرة. الفتاوى ٨/ ٥٣٩ وانظر لمزيد بيان: سلسلة الأحاديث الضعيفة ١/ ٢٨ والإيمان بالقضاء والقدر ص ١٤٤ - ١٤٧.
(٢) في (أ): الأزهري.
(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٦/ ٦١.
(٤) ومن ذلك حديث أبي هريرة أخرجه البخاري رقم (٣٢٩٣)، ورقم (٦٤٠٣). ومسلم رقم (٢٦٩١، ٢٦٩٣). ومالك في الموطأ ١/ ٢٠٩ وأحمد في المسند ٢/ ٣٠٢، ٣٦٠، ٣٧٣، ٣٧٥ والترمذي رقم (٣٤٦٨).

<<  <   >  >>