للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنِّفُ : قلت: انظروا إخواني -عَصَمنا اللهُ وإيَّاكُم مِن الزَّللِ- إلى هذا الفِقهِ الدَّقيِق والاستنباطِ الطريف!

• أخبَرنا أبو بكرِ بنُ حبيبٍ، قال: أنا أبو سعدِ بنُ أبي صادقٍ، قال: أنا ابنُ باكويه، قال: أنا أبو يعقوبٍ الخرَّاط، قال: أنا النورِي أنهُ رأى رجُلًا قابضًا على لحِيةِ نفسِه، قال: فقلتُ لهُ: نَحِّ يدَكَ عن لحِيةِ اللهِ. فرُفِعَ ذلك إلى الخلِيفةِ، فطُلِبتُ وأُخِذتُ، فلمَّا أُدخِلتُ عليه، قال: بلَغَنِي أنهُ نبحَ كلبٌ فقلتَ: لبَّيكَ، ونادَى المؤذِّنُ فقلتَ: اخسأ! قلتُ: نَعَم، قال الله ﷿: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤]؛ فقلتُ: لبيكَ؛ لأنهُ ذكرَ الله، فأمَّا المؤذِّن فكان يذكُر اللهَ وهو متلوِّثٌ بالمعاصِي غافلٌ عنِ الله تعالى، قال: وقولُكَ للرَّجُل: نَحِّ يدَكَ عن لحِيةِ الله! قلت: نَعم، ألَيسَ العبدُ للهِ، ولحِيَتُهُ للهِ، وكلُّ ما فِي الدُّنيا والآخرةِ له (١)؟!

قال المصنِّفُ قلت: عدمُ العلمِ أوقعَ هؤلاءِ في التخبِيطِ، وما الذِي أحوَجَهُ إلى أن يُوهِمَ أنَّ صفةَ المُلكِ صفةٌ للذَّات (٢).

• أخبَرنا ابن حبيبٍ، قال: أنا ابنُ أبِي صادقٍ، قال: أنا ابنُ باكويهِ، قال: سمعتُ أحمدَ بن محمد بنِ عبدِ العزيز، قال: سمعتُ الشبِليَّ يقول وقد سُئلَ عن المعرِفةِ، فقال: ويحَكَ! ما عَرفَ اللهَ مَن قال: الله، واللهِ لو عَرفُوهُ ما قالوهُ.


(١) انظر سابقه. وانظر في مثل هذه الشطحات وتأويلها: تأويل الشطح للشعراني ص ٤٤.
(٢) ما يضاف إلى الله تعالى نوعان: أعيان وصفات:
فالصفات إذا أضيفت إليه كالعلم والقدرة والكلام والحياة والرضا والغضب وغيرها دلت الإضافة على أنها إضافة وصف قائم به فهي من إضافة الصفة إلى الموصوف.
أما الأعيان: إذا أضيفت إلى الله تعالى: فإما أن تضاف بالجهة العامة التي يشترك فيها المخلوق مثل كونها مخلوقة ومملوكة .. فهذه إضافة عامة مشتركة. وإما أن تضاف لمعنى يختص به المُضاف عن غيره مثل بيت الله وناقة الله .. فهذه تقتضى التشريف والعناية وأنها امتازت عن غيرها من الأعيان بما يناسب السياق. انظر: الفتاوى ٦/ ١٤٤ والقواعد الكلية ص ٢١٩.

<<  <   >  >>