للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• أنبأنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ أبي طاهرٍ، قال: أنبأنا عليُّ بنُ الحسَن التنوخِي، عن أبيه، قال: حدثني أبو القاسمِ عبدُ الرَّحيم بنُ جعفرٍ السِّريافي الفقيه، قال: حضرتُ بِشيرازَ عند قاضِيها أبي سعيدٍ بشرِ بنِ الحسَنِ الدَّاودي -وقد ارتفعَ إليه صوفيٌّ وصوفيَّة- قال: وأمرُ الصوفيِّينَ هناك مفرطٌ جدًا، حتى يُقال إن عددَهم ألوفٌ، فاسْتَعْدَتِ المرأةُ على زوجِها إلى القاضِي، فلمَّا حضَرا قالت له: أيُّها القاضِي، إنَّ هذا زوجِي، ويريد أن يطلِّقَني، وليس له ذلك، فإن رأيتَ أن تمنعه. قال: فأخَذَ أبو سعيدٍ يعجبني مِن هذا الكلامِ وينبِّهني على مذاهِب الصوفيَّة، ثم قال لها: كيف ليس له ذلك؟ قالت: لأنه تزوَّج بِي ومعناهُ قائمٌ فيَّ، والآنَ هو يذكُر أنَّ معناهُ قد انقضَى منِّي، وأنا معنَايَ قائِمٌ فيهِ ما انقَضَى، فيجِبُ عليهِ أن يصبِرَ حتى ينقضِيَ معنَايَ منهُ كما انقَضَى معناهُ مني! فقال لي أبو سعيدٍ: كيف ترى هذا الفقه؟ ثمَّ أصلَحَ بينَهُما وخرجَا من غيرِ طلاقٍ (١).

• وقد ذكرَ أبو حامدٍ الطُّوسيُّ في كتابِ الإحياء أنَّ بعضَهم قال: لِلرُّبوبيَّةِ سرٌّ لو أُظهِرَ لبطلَت النبوَّةُ، وللنُّبوَّةِ سرٌّ لو كُشِفَ لبطلَ العلم، ولِلعُلَماءِ باللهِ سرٌّ لو أظهرُوهُ لبطلَتِ الأحكامُ (٢).

قال المصنِّفُ: قلت: فانظُروا إخواني إلى هذا التخلِيطِ القبيحِ والادِّعاءِ على الشريعةِ أنَّ ظاهرَها يُخالِفُ باطنَها.

• وقال أبو حامدٍ: ضاعَ لبعضِ الصُّوفيَّةِ ولدٌ صغيرٌ، فقيل له: لَو سألتَ اللهَ أن يرُدَّهُ علَيك! فقال: اعتراضِي عليهِ فيما يقضِي أشدُّ علَيَّ مِن ذهابِ ولدِي (٣).


(١) أخرجه القاضي أبو علي التنوخي في نشوار المحاضرة ٢/ ٢٠٣.
(٢) الإحياء ١/ ١٠٠.
(٣) المصدر السابق ٤/ ٣٥٠.

<<  <   >  >>