للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمره فخالف، إذا كان أوَّلُ الدَّنِّ دَرْدِيّ (١) كيفَ يكونُ آخرُهُ؟ قال: وقال الحُصْري: كنتُ زمانًا إذا قرأتُ القرآنَ لا أستعيذُ من الشيطان حتى يَحْضُرَ كلامَ الحَقِّ (٢).

قال المصنِّف : أما القول الأول: فانبساط على الأنبياء وجرأة قبيحة وسوء أدب! وأما الثاني: فمخالفٌ لما أمرَ الله ﷿ بهِ فإِنَّهُ قال: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [النحل: ٩٨].

أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال: نا هناد بن إبراهيم النسفي قال: نا محمد بن الحسين السُلمي قال: وجدت في كتاب أبي بخطه سمعت أبا العباس أحمد بن محمد الدِّيَنَوري يقول: قد نَقَضوا أركان التصوُّف وهدموا سبيلَها وغَيَّروا معانِيَها بأساميَ أحْدَثوها: سَمَّوا الطمع زيادة، وسوءَ الأدب إخلاصًا، والخروج عن الحقِّ شَطْحًا، والتلذُّذَ بالمذموم طيبةً، وسوء الخلق صَوْلةً، والبخْلَ جلادةً، واتَّباعَ الهوى ابتلاءً، والرجوع إلى الدُّنيا وصولًا، والسؤال عملًا، وبَذَاءَ اللسان ملامةً (٣) وما هذا طريق القوم (٤)!


(١) في (م)، درى. وفي باقي النسخ: دَرْدِيّ. والأصح: درديًا.
الدَّنُّ: وعاء ضخم للزيت وللخمر ونحوهما. انظر: كتاب العين ٨/ ٩ والمعجم الوسيط ١/ ٢٩٩.
الدُّرْدِيّ: أصْله ما يَرْكُدُ في أسْفلِ كُلِّ مائعٍ كالأشْرِبة والأدْهَان. ودُرْدِيُّ الزيت وغيره ما يبقى في أسفله.
انظر: النهاية في الغريب ٢/ ٢٤٧ ومختار الصحاح ص ٢١٨.
(٢) أخرجه السلمي في طبقات الصوفية ص ٤٩٠ و ٤٩٢ والشعراني في الطبقات ١/ ٢١١ ذكر الجزء الأخير منه.
(٣) جاء في طبقات الشعراني: وبذاءة اللسان سلامة ولعل المثبت هو الصواب؛ إشارة إلى الملامية: الذين يظهرون من القبائح ومن الأعمال السيئة ما يسقطون به جاههم عند الناس. وسيأتي بيان مذهبهم عند المؤلف ص ٨١٥.
(٤) نقله عنه القشيري في الرسالة ص ٤١٣ أو ١/ ١٨٩ والشعراني في طبقاته ١/ ٢٠٩.

<<  <   >  >>