للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ المصنف : قد بيَّنَّا فيما تقدَّمَ أَنَّ إِبليسَ إَنما يتمكَّنُ مِن الإِنسانِ على قَدْرِ قلّةِ العلمِ، فكُلَّما قَلَّ عِلْمُ الإِنسانِ كَثُرَ تمكُّنُ إِبليسَ منهُ، وكُلَّما كَثُرَ العِلْمُ قلَّ تَمَكُّنُهُ منهُ.

ومِن العُبَّادِ مَن يرى ضَوءًا أَو نورًا في السَّماءِ، فإِنْ كانَ في رمضانَ قالَ: رأَيْتُ ليلةَ القَدْرِ، وإِنْ كانَ في غيرِه قالَ: قدْ فُتِحَتْ لي أَبوابُ السَّماء. وقد يتَّفِقُ الشيءُ الذي يطلُبُهُ، فيظُنُّ ذلك كرامةً، وربَّما كانَ كرامةً وربَّما كانَ اتِّفاقًا، وربَّما كانَ اختِبارًا، ورُبَّما كانَ مِن خِدَعِ إِبليسَ، والعاقِلُ لا يُساكِنُ شيئًا مِن هذا، ولو كانَ كرامةً.

وقد ذكرنا في باب الزهاد عنْ مالكِ بنْ دينارٍ وحَبيبٍ العَجَميِّ أَنَّهُما قالا: إنَّ الشيطانَ لَيَلْعَبُ بالقُرَّاءِ كما يلعَبُ الصبيانُ بالجَوْزِ (١).

وقالَ المصنف قلتُ: ولقدْ اسْتَغْوى بعضَ ضُعَفاءِ الزُّهَّادِ بأَنْ أَراهُ ما يُشبِهُ الكرامةَ، حتى ادَّعى النبوةَ:

فرَوىَ عبد الوهاب بن نجدة الحَوْطي قال: حدثنا محمد بن مبارك، قال: نا الوليد بن مسلم، عن عبدِ الرحمنِ بنِ حَسَّانَ قالَ: كانَ الحارِثُ الكَذَّابُ مِن أَهلِ


= الدين وإلا هلك صاحبه في الدنيا والآخرة فإن الخارق قد يكون مع الدين وقد يكون مع عدمه أو فساده أو نقصه فالخوارق النافعة تابعة للدين خادمة له. انظر: شرح العقيدة الطحاوية ٢/ ٧٤٨ - ٧٧٥. ولمزيد بيان في مسألة الكرامات انظر غير ما ذكر: النبوات ص ١٥ - ٣٤ والفتاوى ١٣/ ٩٠ - ٩١ وقطف الثمر ص ١٠٦ ومقدمة محقق كتاب كرامات أولياء الله ضمن شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ٩/ ١٥ - ٤١ ومن كتب أهل الكلام: شرح الأصول الخمسة ص ٥٦٨ والإرشاد ص ٢٦٦ والتمهيد ص ١٢١ والمواقف ص ٣٣٩ وشرح المقاصد ٥/ ١١. وللنظر: فيما يدعيه الصوفية من كرامات انظر: نشر المحاسن الغالية. إذ الكتاب شيد لهذا.
(١) ذكرهما المؤلف ص ٢١٠ وفي المحقق ٢/ ٩١٥. وقد أوضح المؤلف هناك أن المراد بالقراء: الزهاد. والأثر عن مالك بن دينار أخرجه أبو نعيم في الحلية ٢/ ٣٧٥. وعن حبيب العجمي أخرجه أبو نعيم أيضًا في الحلية ٦/ ١٥٢ وعنه المزي في تهذيب الكمال ٥/ ٣٩٢ وذكره المؤلف في صفة الصفوة ٣/ ٣١٧ وابن الملقن في طبقات الأولياء ص ١٨٢.

<<  <   >  >>