وكانَ يُريهمُ الأعاجيبَ: كانَ يأْتي إِلى رُخامَةٍ في المسجِدِ، فيَنْقُرُها بيدِه، فتُسَبِّحُ، وكانَ يُطْعِمُهُم فاكهةَ الصيفِ في الشتاءِ، ويقولُ: اخْرُجوا حتى أُريكُمُ الملائكَةَ، فيُخْرِجُهُم إِلى دَيرِ المُرَّانِ، فيُريهم رجالًا على خَيْلٍ.
فتَبِعَهُ بَشَرٌ كثيرٌ، وفشا الأمْرُ، وكَثُرَ أَصحابُهُ، حتى وصَلَ الأمر إلى القاسمِ بن مُخَيْمِرَةَ، فقالَ لهُ: إِنِّي نبيٌّ. فقالَ القاسِمُ: كَذَبْتَ يا عَدُوَّ اللهِ!
فقالَ لهُ أَبو إِدريسَ: بئسَ ما صَنَعْتَ إِذْ لم تَلِينَ لهُ حتى تأْخُذَهُ، الآنَ يَفِرُّ.
وقامَ مِن مَجْلِسِهِ حتى دَخَلَ على عبدِ الملكِ، فأَعْلَمَهُ بأَمْرِهِ، فبَعَثَ عبدُ الملكِ في طَلَبِهِ، فلم يقْدرْ عليهِ، وخَرَجَ عبدُ الملكِ حتى نزَلَ الصِنَّبْرة، فاتَّهَمَ عامَّةَ عسكرِهِ بالحارثِ أَنْ يكونوا يَرَوْنَ رأْيَهُ.