للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقد رُوِّينا عن الحلَّاج أنَّهُ كانَ يدفِنُ شيئًا مِن الخُبْزِ والحَلوى في موضعٍ مِن البريَّةِ، ويُطْلِعُ بعضَ أَصحابِهِ على ذلك، فإِذا أَصْبَحَ؛ قالَ صاحبه: إِنْ رأَيْت أَنْ نَخْرُجَ على وجهِ السياحَةِ. فيقومُ ويمشي معَهُ، فإِذا جاؤوا إِلى ذلك الموضع؛ قالَ لهُ صاحِبُهُ اشتهيت الآن كذا وكذا، فيتْرُكُهُم الحلَّاجُ، ويَنْزَوي عنهُم إلى ذلك المكانِ، فيُصَلِّي ركعتينِ، ويأْتيهِم بذلك (١)!

وكانَ يَمُدُّ يدهُ إِلى الهواءِ، فيأخذ دراهم فقالَ لهُ بعضُ الحاضِرينَ يومًا: هذه دراهِمُ معروفةٌ، ولكنْ أُؤمنُ بكَ إِذا أَعطيْتَني درهمًا عليهِ اسمُكَ واسمُ أَبيكَ (٢)!

وما زالَ يُمَخْرِقُ إِلى وقتِ صَلْبِهِ.

وأخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت، قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، قال: قال لنا أبو عمر بن حَيْويه: لمَّا أُخْرِجَ حُسينٌ الحلَّاجُ ليقتل؛ مضيتُ في جُملةِ الناسِ، فلم أَزلْ أُزاحِمُ حتى رأَيْتُهُ، فقالَ لأصحابِهِ: لا يَهُولَنَّكُمْ هذا، فإِنِّي عائدٌ إِليكُم بعدَ ثلاثينَ يومًا! ثم قتل (٣).

قال المصنف: وقد ذكرنا في أول هذا الكتاب (٤) شيئًا من اعتقاد الحلَّاجِ وتخليطهِ،


(١) نقل مثل ذلك الذهبي في السير ١٤/ ٣٢٠. والتنوخي في نشوار المحاضرة ١/ ١٠٨ - ١١٣.
(٢) ذكر مثل ذلك ابن الأثير في الكامل ٧/ ٤.
(٣) أخرجه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٨/ ١٣١ وعنه المؤلف في المنتظم ٦/ ١٦٤ وذكره الذهبي في السير ١٤/ ٣٤٦ وقال بعدها: فهذه حكاية صحيحة توضح لك أن الحلاج ممخرق كذاب حتى عند قتله.
(٤) انظر ما قدمه المؤلف ص ٢٢٤ وفي المحقق ٣/ ١٠٢٥. وحول اتفاق علماء ذلك الوقت على قتل الحلاج انظر: الكامل في التاريخ ٧/ ٥ والفتاوى ٢/ ٤٨٣، ٣٥/ ١٠٨ والاستقامة ١/ ١٦٦ وقال ابن كثير في البداية والنهاية ١١/ ١٣٢ - ١٤٤: والأئمة إجماعهم على قتله وأنه قتل كافرًا وكان كافرًا ممخرقًا مموهًا مشعبذًا.

<<  <   >  >>