للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

° أَنَّهُم يُقَلِّدونَ الأَباءَ والأسلافَ في اعتقادِهِم جريًا على ما نَشَؤُوا عليهِ مِن العادةِ، فترى الرجُلَ يعيشُ خمسينَ سنةً على ما كانَ عليهِ أَبوهُ، ولا ينظرُ: على صوابٍ كان أَم على خَطَأ.

° ومِن هذا تقليدُ اليهودِ والنَّصارى والجاهليةِ، وكذلك المسلمونَ يَجْرونَ في صلاتِهِم وعباداتِهم مع العادةِ، فترى الرجُلَ يعيشُ سنينَ يُصَلِّي على صورةِ ما يرى الناسَ يصلُّون، ولعلَّهُ لا يُقيمُ الفاتحةَ، ولا يَدْري ما الواجباتُ؟ ولا يَسْهُلُ عليهِ تعرف ذلك؛ إهوانًا بالدينِ، ولو أَنَّهُ أَرادَ تجارةً لَسَأَل قبلَ السفر عمَّا يُنْفِقُ في ذلك البلدِ.

ثم ترى أَحدَهُم يركعُ قبلَ الإِمامِ، ويسجُدُ قبلَ الإِمامِ ولا يعلمُ أنه إذا ركع قبله فقد خالفه في ركنٍ، فإذا رفع قبله فقد خالفه في ركنين، فبطلت صلاته (١).

وقال المصنف: وقد رأَيتُ جماعة يسلِّمونَ عندَ تسليمِ الإِمامِ، وقد بقيَ عليهِم من التشهُّدِ الواجبِ شيءٌ. وذاك أمر لا يحمله الإمامُ فتكون صلاتهم باطلة (٢).


(١) اتفق عامة الفقهاء على تحريم مسابقة الإمام بأي فعل من أفعال الصلاة، قال شيخ الإسلام: "أما مسابقة الإمام فحرام باتفاق الأئمة، لا يجوز لأحد أن يركع قبل إمامه، ولا يرفع قبله ولا يسجد قبله" مجموع الفتاوى ٢٣/ ٣٣٦، وانظر: حاشية ابن عابدين ١/ ٤٧٠، ومختصر خليل ص ٣٣، والأم ١/ ١٥٧، والمغني ١/ ١٢٦، وقد نص فقهاء الشافعية والحنابلة على بطلان صلاة من سبق الإمام بركنين إذا كان متعمدًا، أما إن كان جاهلًا فصلاته صحيحة لكنه لا يعتد بتلك الركعة؛ لأنه لم يتابع الإمام في معظمها.
انظر: المجموع للنووي ٤/ ١١٨، والمغني ١/ ٥٢٧.
(٢) قال فقهاء الحنابلة: الأولى أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد شروع إمامه من غير تخلف، وذلك لما أخرجه البخاري رقم (٣٧١) و (٦٥٦) ومسلم رقم (٤١٤). من حديث: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا" إذ الفاء للتعقيب، فلو سبق الإمام المأموم بالقراءة وركع الإمام تبعه المأموم وقطع القراءة؛ لأنها في حقه مستحبة والمتابعة واجبة، ولا تعارض بين واجب ومستحب، بخلاف التشهد إذا سبق به الإمام وسلم فلا يتابعه المأموم بل يتمه إذا سلم إمامه ثم يسلم لعموم الأوامر بالتشهد. انظر: كشاف القناع ١/ ٤٦٥، ٤٦٦. =

<<  <   >  >>