للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحليفُ الوالي رجلًا لِيُعلِمَه بكل داعرٍ أتى بحالِ ولايتِه والضَّرْبُ والكِسْوة، والكلام، والدخول عليه بالحياة

===

اتفاقاً، لأنه بعد الاغتراف منسوب إلى ذلك النهر وهو الشرط. ونظير المسألتين ما لو حلف لا يشرب من هذا الكوز، فصب الماء الذي فيه في كوز آخر وشرب منه حيث لا يحنث باتفاق. ولو قال: من ماء هذا الكوز يحنث باتفاق.

(وتحليفُ الوالي) بالرفع عطف على الأكل، أي ويقيد تحليفُ الوالي (رجلاً لِيُعلِمَه بكل داعرٍ) بدال مهملة، أي مفسد فاجر (أتى) إلى البلد (بحال ولايته) متعلق بـ: يُقيَّد، وإنما يتقيد الحَلِفُ بذلك لأن غرض المُستحلِف دفعُ شر الدَّاعر وغيره بالضرب ونحوه، فلا يفيد إعلامه بعد زوال ولايته، لعدم قدرته على ذلك. وعن أبي يوسف: أنه لا يقيد بحالِ ولايته. وإعلامه بعد عزله مفيدٌ أيضاً لاحتمال أن يتولى بعد ذلك، فيؤدِّب الدَّاعر، أو أنه يَسعى في تأديبه عند من له الولاية، وبه قال الشافعي في قول واحمد في روايه.

(والضرب) أي ويُقيد الضرب. (والكِسْوة، والكلام، والدخول عليه بالحياة) أي بحياة المحلوف عليه، حتى لو فعل به هذه الأشياء بعد موته لم يحنث الحالف، لأن هذه الأشياءَ لا تتحقق في الميت من الحالف، لأن الضرب هو الفعل المؤلم، ولا يتحقق في الميت الإيلام. والمراد بالكلام الإفهام وأنه يختصُ بالحيّ من الأنام، وبالكِسْوة عند الإِطلاق التمليك، ولا تمليك من الميت. وإن نوى به الستر صح، لأنه محتملُ كلامِهِ، فلو كفَّنه حنث. وبالدخول الزيارة عرفاً في موضع يجلس فيه للزيارة والتعظيم، حتى لو لم يقصده بالدخول بأن دخل على غيره أو لحاجة أُخرى لا يكون دخولاً عليه.

فإن قيل: روى البخاري من حديث أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر أمر بأربعةٍ وعشرين رجلاً من صَناديد قريش فقُذِفُوا في طَوِيّ من أطواءِ بدر خَبيثٍ مُخْثٍ، وكان إذا ظَهَرَ على قومٍ أقام بالعَرْصة ثلاث ليالٍ، فلما كان ببدر اليومَ الثالثَ أمرَ براحِلتهِ، فَشُدَّ عليها رحلُها ثم مشى وتبعه أصحابه، وقالوا: ما نَرَى يَنْطلِقُ إلا لبعض حاجته، حتّى قام على شَفَةِ الرَّكِيِّ، فجعل يُناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، أيسرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنّا قد وجدنا ما وَعَدَنا ربُّنا حقاً، فهل وجدْتُم ما وعد ربكم حقاً؟ فقال عمر: يا رسول الله ما تُكلمُ من أجسادٍ لا أرواح لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسُ محمدٍ بيدِه ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم». والطَوِيّ: بفتح المهملة وكسر الواو وتشديد الياء: البئر المطوية بالحجارة. والرَّكي:

<<  <  ج: ص:  >  >>