للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا أجْزَاءِ الخِنْزِيرِ إلّا شَعْرَهُ، ولا جِلْدِ المِيْتَةِ قَبْلَ دَبْغِهِ، وَلَا دُودِ القَزِّ ولا بَيْضِهِ خِلَافًا لَهُمَا. ولا العُلْوِ بَعْدَ سُقُوطِهِ، وَلَا شَخْصٍ عَلَى أنَّهُ أَمَةٌ وَهُوَ عَبْدٌ.

===

الحيّ، ولا حياة في اللَّبن لأنه جمادٌ. وليس حلّه على الإطلاق، بل باعتبار حاجة الطفل لأنّه لا يتعدّى بغيره حتّى لو استغنى عنه، لم يبح شربه. حتّى لا يجوز صبّه في عينٍ رَمِدَةٍ (١) عند بعض أصحابنا.

(وَلَا) بيع (أجْزَاء الخِنْزِيرِ) لنجاسة عينه، فلا يصحّ بيع شيء منه إهانةً له كالخمر (إلاّ شَعْرَهُ) لِيُنتفعَ به للخرز للضرورة. (ولا) بيع (جِلْدِ المِيْتَةِ قَبْلَ دَبْغِهِ) لحرمة الانتفاع به لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ» وهو اسم لغير المدبوغ، وأمّا بعد الدبغ فَيُبَاعُ ويُنْتَفَعُ به لطهارته، لِمَا في «صحيح مسلم» عن ابن عبّاس قال: تُصُدِّقَ على مولاةٍ لِميمُونةَ بشاةٍ فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هَلاّ أخذتم إهابَها فدبغتموه فانتفعتم به». فقالوا: إنها ميتةٌ. فقال: «إنّما حَرُمَ أكْلُهَا».

(وَلَا) بيع (دُودِ القَزِّ) بتشديد الزاي، لأنه من الهوام كالزّنبور والحيّة والعقرب، (ولا) بيع (بيضه) لأنه غير منتفع به باعتبار ذاته بل باعتبار غيره، وذلك معدوم في الحال، وفي وجوده خطر في المآل. (خِلَافاً لَهُمَا) قال محمد: يجوز بيع دود القز وبيضه، وهو قول (مالك) (٢) والشَّافعي وأحمد، واختيار الصدر الشهيد، وعليه الفتوى اعتباراً بالعادة. وقال أبو يوسف: يجوز بيع دود القز إن ظهر فيه القز تبعاً له وإلاّ لا، واضطرب قوله في بيض الدُّود.

(ولا) بيع (العُلْوِ بَعْدَ سُقُوطِهِ) بأن كان عُلْوٌ لرجلٍ وسُفْلٌ لآخر، فسقطا أو سقط العُلْوُ وبَقِيَ السُفْلُ فباع صاحب العُلْوِ موضع العُلْوِ لأنّ هذا البيع لم يصادف المحل، لأنّ محل البيع المال، والثابت لصاحب العُلْوِ بعدالانهدام حقّ التَّعلّي، وحقّ التّعلّي ليس بمالٍ لأنه يتعلّق بهواء السّاحة، وهو ليس بمالٍ. قيّد ببعد السقوط لأن بيع العُلْوِ قبل السُّقوط جاز باعتبار البناء القائم.

(وَلَا) بيع (شَخضٍ عَلَى أنَّهُ أَمَةٌ وَهُوَ عَبْدٌ) ولا على أنّه عبدٌ وهو أَمَةٌ، والقياس أن يجوز، وهو قول زُفَر، لأنّ هذا اختلاف وصف الذكورة والأنوثة، واختلاف الوصف يوجب الخِيار للمشتري دون الفساد، فصار كما لو اشترى كبشاً فإذا هو نعجةٌ أو بالعكس. أو عبداً على أنه خبازٌ فإذا هو كاتبٌ أو بالعكس. ولنا: أنّ تفاوت الأغراض بين النوعين ملحقٌ باختلاف الجنسين، لأنّ المقصود من البيع حصول الانتفاع


(١) رَمَدَت العين: هاجت وانتفخت. المعجم الوسيط ص ٣٧١ مادة (رمد).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>