للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا بِشَرْطِ الإعْتَاقِ، وإلى أَجَلٍ جُهِلَ. وَصَحَّ إنْ أسْقَطَ قَبْلَ الحُلُولِ.

===

شرطاً. فقال: البيع باطلٌ والشرط باطلٌ. ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته فقال: البيع جائزٌ، والشرط باطلٌ. ثم أتيت ابن شُبْرُمَة فسألته فقال: البيع جائزٌ والشرط جائزٌ. فقلت: سبحان الله ثلاثةٌ من فقهاء العراق اختلفوا في مسألةٍ واحدةٍ. فأتيت أبا حنيفة فأخبرته. فقال: ما أدري ما قالا: حدّثني عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جده عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيعِ وشرطٍ. البيع باطلٌ، والشرط باطلٌ. ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته. فقال: ما أدري ما قالا: حدّثني هِشَام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن عائشة أنَّها قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اشتري بَرِيرَة فأعتقها. البيع جائزٌ، والشرطُ باطلٌ. ثم أتيت ابن شُبْرُمَة فأخبرته. فقال: لا أدري ما قالا: حدّثني مِسْعَر بن كِدَام، عن مُحَارب بن دِثَارٍ، عن جابر قال: بعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقةً وشرط لي حملانها إلى المدينة. البيع جائزٌ، والشرطُ جائزٌ.

(وَلَا) يجوز بيع الرَّقيق (بِشَرْطِ الإعْتَاقِ) وقال مالك: يجوز. وهو روايةُ الحسن عن أبي حنيفة، وقول للشافعي (١) ، وأَصحّ الروايتين عن أحمد. (وإلى أَجَلٍ) عطفٌ على شرطَ، أي لا يجوز البيع بثمن غير معين إلى أجلٍ (جُهِلَ) كالحصاد، والدِّيَاس (٢) ، وقدوم الحاج، لأنّ هذه الأشياء تتقدّم وتتأخرّ لكونها من أفعال العباد تثبت بحسب ما يبدو لهم، فكان التأجيل بها يفضي إلى المنازعة. والآجال شرعت بالأوقات، قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ للنَّاسِ} (٣) . (قيدنا بالثمنٍ غير المعيّن، لأنّ تأجيل المبيع المعيّن يفسد البيع سواء كان الأجلُ مجهولاً أو معلوماً، وكذا تأجيل الثَّمن) (٤) المعيَّن لأَنه مبيع، وكذا تأجيل العقد لكونه خلاف موجب العقد وهو التأبيد. ولو باع مطلقاً ثم أجّل الثّمن إلى هذه الأوقات صحّ لأن هذا تأجيل الدّين والجهالة في الدّين محتملةٌ، بخلاف ما إذا اشترط في أصل العقد، لأنّ العقد لا يحتمل فيه الجهالة.

(وَصَحَّ) البيع (إنْ أسْقَطَ) الأجل المجهول (قَبْلَ الحُلُولِ) كما لو أسقط الأجل إلى الحصاد مَنْ هو حقّه، وهو المشتري قبل أن يأخذ النّاس في الحصاد. وقال زُفَر والشَّافعيّ: لا يصحّ لأنه انعقد فاسداً فلا ينقلب جائزاً. ولنا إنّ المفسد فيما نحن فيه خارجٌ عن صلب العقد، وقد سقط قبل تقرره فينقلب العقد جائزاً، وهو قول


(١) في المخطوط الشافعي، والمثبت من المطبوع وهو الصواب. انظر شرح السنة ٨/ ١٥٣.
(٢) الدِّياس: هو دوس الحب بالقدم لينقشر. "رد المحتار" ٤/ ١١٩.
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٨٩).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>